الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب الصلاة على من ترك دينًا

          ░11▒ (باب الصَّلاَةِ) أي: بيانِ حُكمِها (عَلَى مَنْ تَرَكَ دَيْناً) أي: على مَنْ مات وعليه دينٌ لم يقضِهِ، قال في ((الفتح)) نقلاً عن ابنِ المنيِّر: أرادَ بهذه التَّرجمةِ أنَّ الدَّينَ لا يُخِلُّ بالدِّين، وأنَّ الاستعَاذةَ منه ليستْ لذاتِهِ، بل لما يُخشَى من غوائلِهِ.
          قال: وأوردَ الحديثَ الَّذي فيه: ((مَنْ تركَ دَيناً فليأتِني)) وأشارَ به إلى بقيَّتِهِ، وهو أنَّه كان لا يصَلِّي على مَنْ عليه دينٌ، فلمَّا فُتِحتِ الفتوحُ صار يصلِّي عليه، انتهى.
          زاد العينيُّ: فصار فعلُه هذا ناسخاً لفعلِهِ الأول، كما قاله ابنُ بطَّالٍ، وأشارَ البُخاريُّ بهذه التَّرجمةِ إلى ذلك، فحصلَتِ المطابقةُ بين التَّرجمةِ وحديثِ البابِ من هذه الحَيثيةِ، انتهى.
          وقال الكِرمانيُّ: لـمَّا فتحَ اللهُ عليه الفتوحَ، ونزلَ: {النَّبِيُّ أَوْلَىْ بِالْمُؤْمِنِيْنَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب:6] وصارَ كافلاً لدَينِ الميِّتِ الـمُعسِرِ ارتفعَ المانعُ؛ لأنَّ الميِّتَ حينئذٍ كمَنْ لا دينَ عليهِ، قال: أو هو مختصَرٌ من الحديثِ الذي فيه أنَّه كان يصلِّي في آخرِ العهدِ عليه، انتهى.
          فعلى الوجْهِ الأوَّل لا نسخَ، وعلى ذلك جرى بعضُهم، وعلى الثاني ففيه نسخٌ، وعليه جرى ابنُ بطَّالٍ كما نقلَه العينيُّ، وتقدَّمَ الكلامُ في الكفَالةِ على حُكمِ صلاتِهِ على الميِّت بتفصيلهِ، وهل كان حراماً عليه إذا لم يتكفَّلِ الدَّينَ أحدٌ عن الميتِ، فتأمَّلْه.