الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من أخذ أموال الناس يريد أداءها أو إتلافها

          ░2▒ (بابُ مَنْ أَخَذَ) أي: بيانِ حُكمِ مَنْ أخذ (أَمْوَالَ النَّاسِ) أي: شيئاً منها، بقَرضٍ أو غيرِه، وجملةُ: (يُرِيدُ أَدَاءَهَا، أَوْ إِتْلاَفَهَا) حالٌ من: ((أموالَ)) أو من فاعِلِ ((أخذَ))، فالأولُ يؤدِّي اللهُ عنه، والثاني يُتلِفُه اللهُ، فـ((مَنْ)) موصولةٌ، أو نَكِرةٌ مَوصوفةٌ.
          وجعلَها في ((الفتح)) و ((العمدة)) شرطيَّةً، والجوابُ محذوفٌ لدِلالةِ الحديثِ عليه، قال ابنُ المنيِّر: هذه التَّرجمةُ تُشعِرُ بأنَّ التي قبلَها مقيَّدةٌ بالعِلمِ بالقُدرةِ على الوفاء، قال: لأنَّه إذا عَلِمَ من نفسِه العَجْزَ فقد أخذَ لا يريدُ الوفاءَ إلا بطريقِ التمنِّي، والتمنِّي خِلافُ الإرادةِ، انتهى.
          وتعقَّبَه في ((الفتح)) فقال: فيه نظرٌ؛ لأنَّه إذا نوى الوفاءَ بما سيفتَحُه اللهُ عليه، فقد نطَقَ الحديثُ بأنَّ اللهَ تعالى يؤدِّي عنه، إمَّا بأن يفتَحَ عليه في الدُّنيا، وإمَّا بأن يتكفَّلَ عنه في الآخرة، فلم يتعيَّنِ التَّقييدُ بالقُدرةِ في الحديث، ولو سُلِّمَ ما قال، فهناكَ مرتبةٌ ثالثةٌ؛ وهو أن لا يعلَمَ هل يقدِرُ أو يعجِزُ، انتهى، فتدبَّر.