الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

حديث: أن رسول الله نهى عن المزابنة بيع الثمر بالتمر

          2383- 2384- وبالسند قال: (حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى) أي: الطائيُّ الكوفيُّ، قال: (أَخْبَرَنَا) ولأبوَي ذرٍّ والوقتِ: <حدَّثَنا> (أَبُو أُسَامَةَ) أي: حمَّادُ بنُ أسامةَ، قال: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ) بالمثلَّثة مكبَّراً كابنه، وهو مخزوميٌّ مدنيٌّ كوفيٌّ صدوقٌ، لكنْ رُميَ برأيِ الإباضيَّةِ، لكنَّه لم يكُنْ داعيةً، وقد وثَّقَه ابنُ معينٍ وغيرُه.
          قال: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (بُشَيْرُ) بموحدة فشين معجمة مصغَّراً (ابْنُ يَسَارٍ) مُقابِلُ: يمين (مَوْلَى بَنِي حَارِثَةَ) بالحاء المهملة والمثلثة (أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ) بفتح الخاء المعجمة ☺ (وَسَهْلَ) بسكون الهاء (ابْنَ أَبِي حَثْمَةَ) بفتح الحاء المهملة وسكون المثلثة؛ أي: ابنَ ساعِدةَ الخَزْرجيَّ، صحابيٌّ صغيرٌ، وُلِدَ سنةَ ثلاثٍ من الهجرة، وماتَ في خلافةِ عثمانَ ☺.
          وجملةُ: (حَدَّثَاهُ) بضمير التثنيةِ، خبرُ ((أن))؛ أي: حدَّثَ رافعُ بنُ خديجٍ وسَهلُ بنُ أبي حَثْمةَ بشيرَ بنَ يسارٍ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلعم نَهَى) أي: نهيَ تحريمٍ معَ عدمِ صحَّةِ البيع (عَنِ الْمُزَابَنَةِ بَيْعِ الثَّمَرِ) بمثلثة (بِالتَّمْر) بمثنَّاة، بجرِّ ((بيعِ)) على أنَّه بدَلٌ، أو عَطفُ بيانٍ لـ((المزابَنة)) (إِلاَّ أَصْحَابَ الْعَرَايَا، فَإِنَّهُ) أي: النَّبيُّ عليه السَّلام.
          (أَذِنَ لَهُمْ) أي: في بيعِها، وفي بعضِ الأصُولِ زيادةُ: <فيه> بشروطِه السَّابقةِ، والحديثُ _كسَوابقِه_ مرَّ الكلامُ عليه مِراراً في البيوعِ وغيرِها.
          وجملةُ: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي بُشَيْرٌ مِثْلَهُ) ثابتةٌ في الأصُول، نعم، سقطَ لأبوَي ذرٍّ والوقتِ لفظُ: ((أبو عبدِ الله)) فعلى / روايةِ الأكثرينَ يكونُ معلَّقاً، قال في ((الفتح)): ولم أرَه موصولاً من طريقِه إلى هذه الغاية، انتهى.
          وأما على روايةِ الأبوَينِ ففاعلُ: ((قال)) أبو أسامةَ، فيكونُ موصولاً، فتدبَّرْ، و((بُشَيرٌ)) أي: المارُّ و((مثلَه)) مفعولُ ((حدَّثَني))، على تقدير: حديثاً مثلَه.
          تذييل: اشتملَ كتابُ الشُّربَ _كما في ((الفتح))_ على ستَّةٍ وثلاثينَ حديثاً، المعلَّقُ منها خمسةٌ، والبقيَّةُ موصولةٌ، المكرَّرُ منها فيه وفيما مضى سبعَةَ عشَرَ حديثاً، والخالصُ تسعةَ عشَرَ.
          وافقَه مسلمٌ على تخريجِها سِوى حديثِ عُثمانَ في بئرِ رُومةَ، وحديثِ ابنِ عبَّاسٍ في قصَّةِ هاجَرَ، وحديثِ الصَّعبِ في الحِمى، وحديثِ الزُّهريِّ في حِمى النَّقيعِ، وحديثِ أنسٍ في القطائع، وفيه من الآثارِ اثنانِ عن عمرَ بنِ الخطَّابِ ☺.