الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

حديث: رخص النبي أن تباع العرايا بخرصها تمرًا

          2380- وبالسند قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ) أي: البِيْكَنديُّ، قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) أي: ابنُ عَيينةَ (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) أي: الأنصاريِّ (عَنْ نَافِعٍ) أي: مولى ابنِ عمرَ (عَنِ ابْنِ عُمَرَ) أي: ابنِ الخطَّاب.
          (عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ) ☺ أنه (قَالَ) أي: زيدُ بنُ ثابتٍ (رَخَّصَ) بتشديد الخاء المعجمة (النَّبِيُّ صلعم أَنْ تُبَاعَ الْعَرَايَا) بفتح العين، جمعُ العَرِيَّة، وفي بعض الأصُول: <العَرِيَّة> بالإفراد؛ أي: رُطَبِها؛ لأنَّ العَرِيَّةَ اسمٌ للنخلة، فالمرادُ ما عليها، لقوله:
          (بِخَرْصِهَا تَمْراً) وخَرْصُها _بفتح الخاء المعجمة_ في الفرع وغيرِه، وقال الزركشيُّ: _بكسر الخاء المعجمة وفتحها_ انتهى.
          لكن قال النَّوويُّ وغيرُه: الفتحُ أشهرُ، فمَنْ فتحَ جعلَ الخَرْصَ مصدَراً، ومَنْ كسرَ جعلَه الشيءَ المخروصَ؛ أي: بقَدرِ ما يخرُجُ منها إذا صار تَمراً؛ كأنْ يقولَ الخارِصُ: هذا الرُّطبُ الذي على هذه النَّخلةِ إذا جَفَّ يجيءُ منه ثلاثةُ أوسُقٍ مثلاً، فيبيعُه صاحبُه لآخرَ بمثلِها، ويتقابضانِ في المجلِسِ، فيسلِّمُ المشتري التمرَ، ويسلِّمُ البائعُ الرُّطبَ بالتَّخليةِ بينه وبين أصلِهِ، وهذا عند الشافعيِّ وأحمدَ والجمهورِ، ويُشترطُ أيضاً أن ينقُصَ عن خمسةِ أوسُقٍ في صفقةٍ واحدةٍ.
          وتقدَّمَ الكلامُ على ذلك مبسوطاً في بيع العَرايا من كتابِ البيوعِ، ووجهُ المطابقةِ للتَّرجمةِ أنَّ البائعَ ليس له أن يمنَعَ المشتريَ من دخولِه الحائطَ ليتعهَّدَ العَرِيَّةَ.