الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب حلب الإبل على الماء

          ░16▒ (باب حَلْبِ الإِبِلِ) أي: أولويةِ حلْبِها (عَلَى الْمَاءِ) الحَلْبُ _بفتح الحاء المهملة وسكون اللام_ مصدَرٌ، وكذا الحَلَبُ _بفتحتين_ أيضاً.
          قال في ((الصِّحاح)): الحَلَبُ _بالتحريك_ اللبنُ المحلوبُ، والحَلَبُ أيضاً مصدرٌ، وقال في ((المصباح)): حلَبتُ الناقةَ وغيرَها حَلْباً، من باب قتَلَ، والحَلَبُ _بفتحتين_ يُطلَقُ على المصدرِ أيضاً وعلى اللَّبنِ المحلوبِ، فيقال: لبَنٌ حَلْبٌ وحليبٌ ومَحلُوبٌ، وناقةٌ حَلوبٌ؛ _وِزَانُ رَسولٍ_ أي: ذاتُ لبَنٍ يُحلَبُ، فإنْ جعلتَها اسماً أتَيتَ بالهاء.
          وقلت: هذه حَلوبةُ فُلانٍ؛ مثلُ: الرَّكوبِ والرَّكوبةِ، والمحلَبُ: _بفتح الميم_ مَوضِعُ الحَلبِ، والمِحلَبُ: _بكسرها_ الوِعاءُ يُحلَبُ فيه، وهو الحِلابُ أيضاً، مثلُ: كتابٍ، والمَحلَبُ: _بفتح الميم_ شيءٌ يُجعَلُ حبُّه في العِطرِ، والحُلبة: _بضم الحاء، واللام تضم وتسكَّنُ للتخفيف_ حبٌّ يؤكَلُ، والحَلْبةُ: _وِزانُ سَجْدة_ خيلٌ تُجمَعُ للسِّباقِ من كلِّ أَوبٍ ولا تخرُجُ من وجهٍ واحدٍ، يُقال: جاءَتِ الفرَسُ في آخرِ الحَلَبةِ؛ أي: في آخرِ الخيلِ، وهي بمعنى حَليبةٍ، ولهذا جُمعَتْ على: حلائبَ.
          وقوله: ((على الماء)) متعلِّقٌ بـ((حَلب)) و((على)) فيه بمعنى: عند، كما في ((الفتح))، واعترضَه العَينيُّ بأنَّ: ((على)) لم تجِئْ بمعنى: عند، بل هي هنا للاستعلاء.
          وأجابَ في ((الانتقاض)): بأنَّ كثيراً من أهل العربيَّةِ قالوا: إنَّ حروفَ الجرِّ تتناوبُ، وحَمْلُ: ((على)) على الاستعلاء يقتضِي أنْ يقعَ في الماء، وليس بمُرادٍ، انتهى.