الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب شرب الناس والدواب من الأنهار

          ░12▒ (باب شُرْبِ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ مِنَ الأَنْهَارِ) جمعُ نَهر _بفتح الهاء وسكونها_، لغتان فصيحتان، و((شرب)) بضم الشين المعجمة، من إضافة المصدرِ لفاعلِهِ؛ أي: بابُ بيانِ حُكمِهم فيما ذُكِرَ.
          قال في ((الفتح)): أرادَ بهذه التَّرجمة أنَّ الأنهارَ الكائنةَ في الطُّرقِ لا يختَّصُ بالشُّرب منها أحدٌ دون أحدٍ، زادَ العينيُّ: وقام الإجماعُ على جواز / الشُّربِ منها دون استئذانِ أحدٍ؛ لأنَّ اللهَ خلقها للنَّاس وللبهائم، ولا مالكَ لها غيرُ الله، فإذا أخذَ شيئاً منها في وعائِهِ صارَ مِلكَه، فيتصرَّفُ فيه بالبيعِ والهبةِ والصدقةِ، ونحِوها.
          قال أبو حنيفةَ ومالك: لا بأسَ ببيعِ الماء بالماءِ متفاضِلاً وإلى أجل، وقال محمَّدٌ: هو ممَّا يُكالُ أو يوزَنُ، فقد صحَّ أنه صلعم: ((كان يتوضَّأُ بالمُدِّ ويغتسِلُ بالصَّاع)) فعلى هذا لا يجوزُ عندَه فيه التفاضُلُ ولا النَّسيئةُ لوجودِ عِلَّةِ الرِّبا؛ وهي الكيلُ أو الوزنُ، وبه قال الشَّافعيُّ، إلا أنَّ العلَّةَ الطَّعمُ، انتهى.
          وأقول: هذا كلُّه في ابنِ بطَّال، وزاد: وأجمَعوا على أنه لا يجوزُ لأحدٍ بيعُ الماءِ في النهر، وأنه لا يتعيَّنُ لأحدٍ فيه حقٌّ ما دام فيه.