الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب اقتناء الكلب للحرث

          ░3▒ (باب اقْتِنَاءِ الكَلْبِ) أي: باب جوازِ اتخاذهِ (لِلْحَرْثِ) أي: للزَّرع متعلِّق باقتناء، وهو بالمدِّ مصدر اقتناهُ، يقال: قناهُ يقنُوه واقتنَاه يقتنيهِ اقتناءً: إذا اتخذَهُ لنفسهِ لا للبيعِ، ومنه القُنية وهو كلُّ ما يُقتنى من غُنم وغيرها يقال: غنم قنوة وقنية، ويقال: قنوت الغنم وغيرها قنوة وقنوة، ويقال: قنيته أيضاً قنية وقنية: إذا اقتنيتُها لنفسك لا للتِّجارة.
          قال ابنُ المنيِّر: أراد البُخاري إباحةَ الحرثِ بدليل إباحةِ اقتناء الكلابِ المنهيِّ عن اتخاذِهَا لأجل الحرثِ، فإذا رخص فيها من أجلهِ كان أقل درجاتهِ أن يكون مُباحاً، انتهى.
          واعترضَه العينيُّ: بأنَّ هذا استنباطٌ عجيبٌ؛ لأنَّ إباحةَ الحرثِ بالنَّص، قال: ولو فرضَ موضع ليس فيه كلبٌ لا يباح فيه الحرثُ، انتهى فتأمَّله.
          فإنَّ ثبوته بالنَّص لا يُنافي ثُبوته بالقياسِ أيضاً.
          وقوله: ((ولو فرض... إلخ)) لم يظهرْ لي المراد منه، فإنَّه إن أرادَ أنَّه لا يباحُ الحرثُ إذا لم يكن كلب فلا يتوهَّم أصلاً، فتدبَّره.
          ووجه ذكر هذا الباب في كتابِ الحرثِ والزِّراعة ظاهرٌ.