الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب ما يحذر من عواقب الاشتغال بآلة الزرع

          ░2▒ (باب مَا يُحْذَرُ) بالحاء المهملة الساكنة والذال المعجمة الخفيفة والبناء للمفعول، وفي رواية الأكثر من الحَذَر _بفتحتين_؛ لأن فعلَهُ حَذِرَ كعَلِمَ، كما في ((القاموس)) لا من الإحذارِ، كما قال شيخُ الإسلام فاعرفْه، ولأبي ذرٍّ: بتشديد الذال وفتح الحاء، من التَّحذير.
          (مِنْ عَوَاقِبِ الاِشْتِغَالِ) بيان لـ((ما))، و((عواقبُ)) بالقاف، جمع: عاقبة (بِآلَةِ الزَّرْعِ) ((بآلة)) بمدِّ الهمزة، متعلِّق بالاشتغال (أَوْ مُجَاوَزَةِ الحَدِّ) بضم الميم وفتح الجيم فألف فواو فزاي فهاء؛ أي: أو تعدَّى، وهذه التَّرجمة هكذا للأصيليِّ وكريمة ولابن شبويه: {أو يجاوز} بمثناة تحتية بدل الميم، ولأبي ذرٍّ والنَّسفي: <أو جاوز الحدَّ> وعلى جميع الرِّوايات فهو معطوفٌ على ((الاشتغَالِ)) على حدِّ: ولبس عباءة وتقرُّ عينِي؛ أي: أو تعدِّي الحدِّ.
          (الَّذِي أُمِرَ بهِ) بالبناء للمفعول سواء كان واجباً أو مندُوباً، وهذه التَّرجمة تقييدٌ للسَّابقة، أو هذه لبيان ضَرر الزِّراعة، والسَّابقة لبيان منافعها.
          قال في ((الفتح)) وغيره: أشار البخاريُّ بالتَّرجمة إلى الجمعِ بين حديث أبي أُمامة والحديثِ المار في فضلِ الزَّرع بأحدِ أمرين، إمَّا بحملِ ما وردَ من الذَّم على عاقبةِ ذلك إذا اشتغل به فضيَّع بسببه ما طُلب منه، وإمَّا على ما إذا جاوزَ الحدَّ فيه، كما قد يشيرُ إلى هذا الجمعِ ما في التَّرجمة، فافهم.