نجاح القاري لصحيح البخاري

باب التيمم للوجه والكفين

          ░5▒ (باب) بالتنوين (التَّيَمُّمُ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) وقوله: التيمم مبتدأ خبره محذوف ؛ أي: ضربة واحدة للوجه والكفين، ثمَّ يقدر بعد ذلك لفظة جوازاً ؛ أي: من حيث الجواز، أو يقدر وجوباً ؛ أي: من حيث الوجوب، والمقصود منه إثبات أن التيمم ضربة واحدة سواء كان وجوباً أو جوازاً.
          وقال الحافظ العسقلاني في تقدير الخبر: أي: هو الواجب المجزئ.
          وتعقَّبه محمود العيني: تقييده بالوجوب لا يفهم منه ؛ لأنه أعم من ذلك، ثمَّ قال ذلك الحافظ، وأتى بذلك بصيغة الجزم مع شهرة الخلاف فيه لقوة دليله، فإن الأحاديث الواردة في صفة التيمم لم يصح منها سوى حديث أبي جهم وعمار، وما عداهما فضعيف، أو مختلف في رفْعه ووقْفه، والراجح عدم رفْعه، أما حديث أبي جهم فورد بذكر اليدين مجملاً، وأما حديث عمار فورد بِذِكْرِ الكفين في السنن. انتهى.
          وتعقَّبه محمود العيني أيضاً: بأن قوله: لم يصح منها سوى حديث أبي جهم وعمار، غيرُ مسلم ؛ لأنه قد روي في ذلك عن جابر مرفوعاً: ((أن التيمم ضربة للوجه، وضربة للذراعين إلى المرفقين)) وقد قال الحاكم: إسناده صحيح، وكذا قال الذهبي. ولا يلتفت إلى قول من يمنع صحته، وبأن قوله أما حديث أبي جهم فورد بذكر اليدين مجملاً غير صحيح ؛ لأنه لا ينطلق عليه حد الإجمال، بل هو مطلق يتناول إلى الكفين وإلى المرفقين وإلى ما وراء ذلك، ولكن رواية الدارقطني في هذا الحديث خصصته وفسرته بقوله: «فمسح بوجهه وذراعيه»، فتأمل.
          ثمَّ اعلم أن معنى أحاديث الباب / هو معنى الحديث الذي في الباب السابق غير أنه روي هناك عن آدم، عن شعبة مرفوعاً، وهاهنا أخرجه من ستة مشايخ كلهم عن شعبة ثلاثة منها موقوفة، وثلاثة مرفوعة، كما سنقف عليها.