نجاح القاري لصحيح البخاري

باب عمرة في رمضان

          ░4▒ (بابُ) فضل (عُمْرَةٍ) تفعل (فِي) شهر (رَمَضَانَ) دلَّ على هذا حديث الباب، فلهذا اقتصر على هذا القدر من التَّرجمة.
          وقال الحافظ العسقلانيُّ: لم يصرِّح في التَّرجمة بفضيلةٍ ولا غيرها، ولعلَّه أشار إلى ما روي عن عائشة ♦ قالت: ((خرجت مع رسول الله صلعم في عمرةٍ في رمضان فأفطرَ وصُمْتُ وقصَرَ وأتْمَمْتُ. الحديث))، أخرجه الدَّارقطني من حديث العلاء بن زهير، عن عبد الرَّحمن بن الأسود بن يزيد، عن أبيه عنها، وقال: إنَّ إسناده حسنٌ.
          وقال صاحب «الهدي»: إنَّه غلطٌ؛ لأنَّ النَّبي صلعم لم يعتمر في رمضان.
          قال الحافظ المذكور: ويمكن حمله على أنَّ قولها: (في رمضان) متعلِّق بقولها: (خرجت)، ويكون المراد سفر فتح مكَّة فإنَّه كان في رمضان، واعتمر النَّبي صلعم في تلك السنة من الجِعرانة لكن في ذي القعدة، كما تقدَّم بيانه قريباً [خ¦1779].
          وقد رواه الدَّارقطني بإسنادٍ آخر إلى العلاء بن زهير، فلم يقلْ في الإسناد: عن أبيه، ولا قال فيه: في رمضان. انتهى.
          وتعقَّبه العينيُّ: بأنَّه تعسُّف وتصرُّف بغير وجهٍ بطريق التَّخمين، فمن قال: إنَّ البخاريَّ وقف على حديث عائشة المذكور حتَّى يشير إليه؟!
          وقوله: (ويمكن حمله) إلى آخره مستبعدٌ جدًّا؛ لأنَّ ذكر الإمكان هنا غير موجَّهٍ أصلاً؛ لأنَّ قولها: (في رمضان) متعلِّق بقولها (خرجتْ) قطعاً، فما الحاجة في ذكر ذلك بالإمكان؟
          ولا يساعده أيضاً قوله: (فإنَّه؛ أي: فإنَّ فتح مكَّة، كان في رمضان) في اعتذاره عن البخاريِّ في اقتصاره في التَّرجمة على قوله: (عمرة في رمضان)؛ لأنَّ عمرته صلعم في تلك / السنَّة لم تكن في رمضان، بل كانت في ذي القعدة، فإنَّه أيضاً صرَّح بقوله: (واعتمر النَّبي صلعم في تلك السَّنة من الجعرانة لكن في ذي القعدة).