إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: الاستعارة للعروس عند البناء

          2628- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) الفضل بن دُكين قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ) بفتح الهمزة وسكون التَّحتيَّة، وبعد الميم المفتوحة نونٌ، المخزوميُّ المكِّيُّ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (أَبِي) أيمنُ الحبَشيُّ (قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ ♦ وَعَلَيْهَا دِرْعُ قِطْرٍ) بكسر الدَّال وسكون الرَّاء: قميصُ المرأة، و«قِطْر»: بكسر القاف وسكون الطَّاء ثمَّ راء، مع إضافة درع لقطر: ضَرْبٌ من بُرُود(1) اليمن غليظٌ، فيه بعض الخشونة، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”قُطْنٍ“ بضمِّ القاف، وآخره نونٌ، والجملة حاليَّة (ثَمَنُ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ) برفع «ثمنُ» وجرِّ «خمسةِ» في الفرع وأصله وغيرهما من الأصول المعتمدة الَّتي وقفت عليها، وقال في «الفتح»: «ثمنَ»: بالنَّصب بنزعِ الخافض، و«خمسةِ»: بالجرِّ على الإضافة، أو «ثمنٌ خمسةُ»: بالرَّفع فيهما، على حذف الضمير، أي: ثمنه خمسة دراهم، ويُروى: ”ثُمِّنَ“ بضمِّ المثلَّثة وتشديد الميم المكسورة على صيغة المجهول من الماضي، و”خمسةَ“ بالنَّصب بنزع الخافض، أي: قُوِّمَ بخمسة دراهم قال: ووقع في رواية ابن شَبُّويه وحده: ”خمسة الدَّراهم“ (فَقَالَتِ: ارْفَعْ بَصَرَكَ إِلَى جَارِيَتِي) قال الحافظ ابن حَجَر: لم أعرف اسمها (انْظُرْ إِلَيْهَا) بلفظ الأمر (فَإِنَّهَا تُزْهَى) بضمِّ أوَّله وفتح ثالثه: تتكبَّر (أَنْ‼ تَلْبَسَهُ فِي البَيْتِ) يقال: زهى الرَّجل إذا تكبَّر وأُعجِب بنفسه، وهو من الأفعال الَّتي لم تَرِد إلَّا مبنيَّةً لِمَا لم يُسمَّ فاعله وإن كان بمعنى الفاعل، مثل عُنِيَ بالأمر، ونُتِجت النَّاقة، لكن قال في«الفتح»: إنَّه رآه في رواية أبي ذرٍّ: ”تَزْهى(2)“ بفتح أوَّله، وقد حكاها ابن دُرَيد، لكن قال الأصمعيُّ: لا يقال بالفتح (وَقَدْ كَانَ لِي مِنْهُنَّ) أي: من الدُّروع (دِرْعٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلعم ) أي: في زمنه / وأيَّامه (فَمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ تُقَيَّنُ) بضمِّ حرف المضارعة وفتح القاف وتشديد التَّحتيَّة، آخره نونٌ، مبنيًّا للمفعول، أي: تُزَيَّن. قال صاحب الأفعال: قان الشَّيءَ قيانة: أصلحه، وقيل: تُجْلَى على زوجها (بِالمَدِينَةِ إِلَّا أَرْسَلَتْ إِلَيَّ تَسْتَعِيرُهُ) أي: ذلك الدِّرع، لأنَّهم كانوا إذ ذاك في حال ضيقٍ، فكان الشَّيء الخسيسُ عندهم نفيسًا.
          وهذا الحديث تفرّد به البخاريُّ، وفيه من الفوائد ما لا يخفى، فتأمَّلْه.


[1] في (ص): «دروع».
[2] في (ص): «زها».