إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن رسول الله أعطى ذلك صهيبًا فقال مروان: من يشهد لكما

          2624- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: ”حدَّثني“ بالإفراد (إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى) الفرَّاء الرَّازيُّ المعروف بالصَّغير قال: (أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ) الصَّنعانيُّ اليمنيُّ قاضيها (أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ) عبد الملك بن عبد العزيز (أَخْبَرَهُمْ، قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عَبْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ) بضمِّ الميم وفتح اللَّام، وتصغير «عبد» الثَّاني، المكيُّ (أَنَّ بَنِي صُهَيْبٍ) بضمِّ المهملة وفتح الهاء، ابن سنان الرُّوميِّ، لأنَّ الرُّوم سَبَوه صغيرًا، وبنوه هم: حمزة وحبيب وسعد(1) وصالح وصيفيٌّ وعبَّاد وعثمان(2) ومحمَّد (مَوْلَى ابْنِ جُدْعَانَ) بضمِّ الجيم وسكون المهملة، عبد الله بن عمرو(3) بن جُدْعان، كان اشتراه بمكَّة من رجلٍ من كَلْبٍ وأعتقه، وقيل: بل هرب من الرُّوم، فقدم مكَّة فحالف فيها(4) ابن جُدعان، وللكُشْمِيهَنيِّ في نسخةٍ والحَمُّويي: ”بني جُدْعان“ (ادَّعَوْا) أي: بنو صُهَيب عند مروان (بَيْتَيْنِ) تثنية بَيْت (وَحُجْرَةً) بضمِّ الحاء المهملة وسكون الجيم: الموضع المنفرد في الدَّار (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم أَعْطَى ذَلِكَ) الَّذي ادَّعَوْه _من البيتين والحُجْرة_ أباهم (صُهَيْبًا، فَقَالَ مَرْوَانُ: مَنْ يَشْهَدُ‼ لَكُمَا عَلَى ذَلِكَ؟) الَّذي ادَّعيتماه، وعبَّر بالتَّثنية، وفي البقيَّة بالجمع، فيُحْمَل على أنَّ الَّذي تولَّى الدَّعوى منهم اثنان برضا الباقين، فخاطبهما مروان بالتَّثنية، لأنَّ الحاكم لا يخاطب إِلَّا المدَّعي، وعند الإسماعيليِّ: ”فقال مروان: من يشهد لكم؟“ بصيغة الجمع (قَالُوا) كلُّهم: يشهد بذلك (ابْنُ عُمَرَ) عبد الله (فَدَعَاهُ) مروان (فَشَهِدَ لأَعْطَى رَسُولُ اللهِ صلعم ) بفتح لام «لَأعطى». قال الكِرْمانيُّ: كأنَّه جَعل للشَّهادة حُكْم القَسَم، أو يُقَدَّر قَسَمٌ، أي: والله لأعطى(5) ╕ (صُهَيْبًا بَيْتَيْنِ وَحُجْرَةً) وهي الَّتي ادَّعى بها(6) (فَقَضَى مَرْوَانُ بِشَهَادَتِهِ لَهُمْ) أي: بشهادة ابن عمر وحده لبني صُهَيب بالبيتَين والحُجرة. فإن قيل: كيف قضى بشهادته وحده؟ أجاب ابن بطَّال: بأنَّه إنَّما قضى لهم بشهادته ويمينهم، وتُعُقِّبَ: بأنَّه لم يُذكَر ذلك في الحديث، بل عبَّر عن الخبر بالشَّهادة والخبر يُؤكَّد بالقَسَم كثيرًا، وإن كان السَّامع غير منكِر، ولو كانت شهادة حقيقيَّة لاحتاج إلى شاهد آخر، ولا يخفى ما في هذا، فليُتَأمَّل. والقاعدة المستمرَّة تنفي الحكم بشهادة الواحد، فلابدّ من اثنين أو شاهد ويمين، فالحَمْل على هذا أَولى من حمله على الخبر وكونِ الشَّهادة غير حقيقيَّة.
          وهذا الحديث تفرَّد به البخاريُّ.


[1] «وسعد»: سقط من (ص).
[2] «وعثمان»: سقط من (د).
[3] في (ب): «عُمَر»، وهو تحريفٌ، و«ابن عَمْرو»: سقط من (د).
[4] في (ص) و(م): «بها»، لكن وقعت في (ص) بعد لفظ «مكَّة».
[5] في (د): «لأعطاه».
[6] في (د1) و(ص) و(م): «بهم».