إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إنما يلبسها من لا خلاق له في الآخرة

          2612- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ) القَعْنَبيُّ (عَنْ مَالِكٍ) هو ابنُ أنسٍ، إمامُ دار الهجرة (عَنْ نَافِعٍ) مولى ابن عمر (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ☻ ) أنَّه (قَالَ: رَأَى عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ حُلَّةً سِيَرَاءَ) بكسر السِّين المهملة وفتح المثنَّاة التَّحتيَّة، وبالرَّاء ممدودًا، قال الخليل: ليس في الكلام فِعَلاء بكسر أوَّله مع المدِّ سوى سِيَراء وحِوَلاء، وهو الماء الذي يخرج على رأس الولد، وعِنَباءُ: لغةٌ في العِنَب، وقوله: «حُلَّةً» بالتَّنوين في الفرع وأصله، وغيرهما على الصِّفة، وقال عِياضٌ: ضبطناه على متقني شيوخنا: ”حُلَّةَ سِيَراءَ“ على الإضافة وهو أيضًا في «اليونينيَّة». وقال النَّوويُّ: إنَّه قول المحقِّقين ومتقني العربيَّة، وأنَّه من إضافة الشَّيء لصفته كما قالوا: ثوبُ خَزٍّ. قال مالكٌ: والسِّيرَاء: هو الوَشْيُ من الحرير، وقال الأَصمعيُّ: ثياب فيها خطوط من حرير أو قَزٍّ، وإنما قيل لها: سِيَراء؛ لتسيير الخطوط فيها، وقيل: الحرير الصَّافي(1)، والمعنى: رأى حلَّة حريرٍ تُباع (عِنْدَ باب المَسْجِدِ) وفي رواية جرير بن حازم عن نافع عند مسلم: «رأى عمر عطاردًا التَّميميَّ يقيم حلَّةً بالسُّوق، وكان رجلًا يغشى الملوك ويصيب منهم» (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوِ اشْتَرَيْتَهَا فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ) زاد في «اللِّباس»‼ «إذا أتوك» [خ¦5841] (قَالَ) ╕ (2): (إِنَّمَا يَلْبَسُهَا) أي: حُلَّة الحرير (مَنْ لَا خَلَاقَ) أي: مَنْ(3) لا حظَّ (لَهُ) منه أي / : من الحرير(4) (فِي الآخِرَةِ، ثُمَّ جَاءَتْ) رسول الله صلعم (حُلَلٌ) أي: سِيراء منها (فَأَعْطَى رَسُولُ اللهِ صلعم عُمَرَ مِنْهَا حُلَّةً) زاد في رواية جرير بن حازم: «وبعث إلى أسامة بحلَّةٍ، وأعطى عليَّ بن أبي طالب حلَّةً»، ولأبي ذرٍّ: ”فأعطى رسولَ الله صلعم منها حُلَّة لعمرَ“ (وَقَالَ) بالواو، أي: عمر، ولأبي ذرٍّ: ”فقال“ : (أَكَسَوْتَنِيهَا) بهمزة الاستفهام، وفي رواية جرير بن حازم: «فجاء عمر بحلَّته يحملها، فقال: بعثت إليَّ هذه»؟ (وَقُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ) هو ابن حاجب بن زُرَارة بن عَدَس _بمهملات_ الدَّارميُّ، وكان من جملة وفد بني تميم أصحاب الحُجُرَات، وقد أسلم، وحسن إسلامه (مَا قُلْتَ؟) أي: ممَّا يدلُّ على التَّحريم (فَقَالَ) ╕ : (إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا) وفي «اللِّباس» [خ¦5841] فقال: «إنَّما بعثتُ إليك لتبيعها أو تكسوَها» (فَكَسَا) بحذف الضَّمير المنصوب، ولأبي ذرٍّ والأَصيليِّ: ”فكساها“ (عُمَرُ أَخًا لَهُ) من أمِّه أو من الرَّضاع، وسمَّاه ابن بَشْكُوال في «المبهمات» نقلًا عن ابن(5) الحذَّاء: عثمان بن حكيم. قال الدِّمياطيُّ: وهو السَّلَميُّ، أخو خولةَ بنت حكيمٍ بن أميَّة(6) بن حارثة بن الأوقص، قال: وهو أخو زيد بن الخطَّاب لأمِّه، فمَنْ أطلقَ عليه أنَّه أخو عمر لأمِّه، لم يُصِبْ. وأُجِيبَ: باحتمال أن يكون عمر ارتضع من أمِّ أخيه زيد، فيكون عثمان هذا أخا عمر لأمِّه من الرَّضاع، وقوله: «له»، في محلِّ نصب صفة لـ «أخًا» أي: أخًا كائنًا له، وكذا قوله: (بِمَكَّةَ مُشْرِكًا) صفةٌ بعد صفةٍ قبل(7) إسلامه.
          ومطابقة الحديث للتَّرجمة ظاهرة، وسبق الحديث في «الجمعة» [خ¦886] ويأتي إن شاء الله تعالى في «اللِّباس» [خ¦5841] بعون الله وقوّته.


[1] هنا ينتهي السقط في (م).
[2] في (ل): « ◙ ».
[3] «من»: مثبتٌ من (د1) و(ص) و(م).
[4] قوله: «أي: من الحرير». «منه».
[5] «ابن»: سقط من (ب) و(ص).
[6] في (ص): «عن أبيه» وهو تحريفٌ.
[7] في (د1) و(ص) و(ل): «بعد».