إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن النبي خرج إلى المصلى فاستسقى

          1012- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) المديني (قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عيينة (قَالَ: حَدَّثَنَا(1) عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ) أخو محمَّد بن أبي بكرٍ السَّابق‼ ولأبي ذرٍّ _وعزاه العينيُّ كابن حجر للحَمُّويي والمُستملي_: ”عن عبد الله بن أبي بكر“ وقد صرَّح ابن خزيمة في روايته بتحديث عبد الله به لابن عيينة: (أَنَّهُ سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ) المازنيَّ (يُحَدِّثُ أَبَاهُ) أي: أبا عبد الله بن أبي بكرٍ، ولا يعود الضَّمير على «عبَّاد» (عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ) أي: ابن عاصم: (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم خَرَجَ إِلَى المُصَلَّى) بالصَّحراء لأنَّه أبلغ في التَّواضع وأوسع للنَّاس (فَاسْتَسْقَى، فَاسْتَقْبَلَ) بالفاء، ولابن عساكر: ”واستقبل“ (القِبْلَةَ، وَقَلَبَ) ولأبي ذَرٍّ: «وحوَّل» (رِدَاءَهُ، وَصَلَّى) بالنَّاس (رَكْعَتَيْنِ) أي: كما يصلِّي في العيدين. رواه ابن حبَّان وغيره، وقال التِّرمذيُّ: حسنٌ صحيحٌ، وقياسه: أن يكبِّر في أوَّل(2) الأولى سبعًا، وفي الثَّانية خمسًا، ويرفع يديه، ويقف بين كلِّ تكبيرتَين مسبِّحًا حامدًا مهلِّلًا، ويقرأ جهرًا في الأولى: {ق } وفي الثَّانية: { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ}[القمر:1] أو {سَبِّحِ } و{ الْغَاشِيَةِ} واستدلَّ الشَّيخ أبو إسحاق في «المهذَّب» له بما رواه الدَّارقُطنيُّ: أنَّ مروان أرسل إلى ابن عبَّاسٍ يسأله عن سنَّة الاستسقاء، فقال: سنَّة الاستسقاء الصَّلاة(3) كالصَّلاة في العيدين، إلَّا أنَّه صلعم قلب رداءه فجعل يمينه يساره، ويساره يمينه، وصلَّى ركعتين، كبَّر في الأولى سبع تكبيراتٍ وقرأ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}[الأعلى:1] وقرأ في الثَّانية: { هَلْ أَتَاكَ }[الغاشية:1] وكبَّر خمس تكبيراتٍ، لكن قال في «المجموع»: إنَّه حديثٌ ضعيفٌ. نعم حديث ابن عبَّاسٍ عند التِّرمذيِّ: «ثمَّ صلَّى ركعتين كما يصلِّي في العيدين» كما مرَّ، أخذ بظاهره الشَّافعيُّ فقال: يكبِّر فيهما كما سبق، وذهب الجمهور إلى أنَّه يكبِّر فيهما(4) تكبيرةً واحدةً للإحرام كسائر الصَّلوات، وبه قال مالكٌ وأحمد وأبو يوسف ومحمَّدٌ لحديث الطَّبرانيِّ في «الأوسط» عن أنسٍ: «أنَّه صلعم استسقى، فخطب قبل الصَّلاة، واستقبل القبلة، وحوَّل رداءه، ثمَّ نزل فصلَّى ركعتين، لم يكبِّر فيهما إلَّا تكبيرةً» وأجابوا عن قوله في حديث التِّرمذيِّ: «كما يصلِّي في العيدين»، يعني: في العددِ، والجهرِ بالقراءة، وكونِ الرِّكعتين قبل الخطبة، ومذهب الشَّافعيَّة والمالكيَّة أنَّه يخطب بعد الصَّلاة لحديث ابن ماجه وغيره: «أنَّه صلعم / خرج إلى الاستسقاء فصلَّى ركعتين، ثمَّ خطب»، ولو خطب قبل الصَّلاة جاز لما سبق.
          (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ) أي: البخاريُّ: (كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ) سفيان (يَقُولُ: هُوَ) أي: راوي حديث الاستسقاء عبد الله بن زيد بن عبد ربِّه بن ثعلبة (صَاحِبُ) رؤيا (الأَذَانِ) في النَّوم (وَلَكِنَّهُ وَهْمٌ) بسكون الهاء، ولأبي ذَرٍّ: ”وَهِمَ“ بكسرها وفتح الميم‼ وللأَصيليِّ: ”ولكنَّه هو وَهْمٌ“ (لأَنَّ هَذَا) أي: راوي حديث الاستسقاء (عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ المَازِنِيُّ، مَازِنُ الأَنْصَارِ) لا مازن بني تميمٍ وغيره.


[1] في (د): «قال».
[2] «أوَّل»: ليس في (د).
[3] «الصَّلاة»: ليس في (د) و(م). ولا في المجموع.
[4] في (م): «فيها».