إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: بايعناه على أن لا نشرك بالله شيئًا

          6873- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: ”حَدَّثني“ بالإفراد (اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام قال: (حَدَّثَنَا) بالجمع، ولأبي ذرٍّ: ”حَدَّثني“ (يَزِيدُ) بن أبي حبيب المصريُّ (عَنْ أَبِي الخَيْرِ) مرثد بن عبد الله (عَنِ الصُّنَابِحِيِّ) بضم الصاد المهملة بعدها نون فألف فموحدة فحاء مهملة مكسورتين، عبد الرَّحمن بن عُسَيلة _بمهملتين_ مصغَّرًا(1) (عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ☺ ) أنَّه (قَالَ: إِنِّي مِنَ النُّقَبَاءِ الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللهِ صلعم ) ليلة العقبة بمنى، وكانوا اثني عشر نقيبًا (بَايَعْنَاهُ عَلَى) التَّوحيد (أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللهِ شَيْئًا، وَلَا نَسْرِقَ، وَلَا نَزْنِيَ) أي: شيئًا، ففيه حذف المفعول ليدلَّ على العموم (وَلَا نَقْتُلَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ) إلَّا بالحقِّ (وَلَا نَنْتَهِبَ) بفوقيَّة قبل الهاء المكسورة من الانتهابِ، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”ولا / نَنْهَب“ بإسقاط الفوقيَّة وفتح الهاء، من النَّهب، كذا في الفرع، والَّذي في «اليونينيَّة»: ”ولا نَبْهَت“ بنون مفتوحة فموحدة ساكنة فهاء مفتوحة ففوقية(2) (وَلَا نَعْصِيَ) بالعين والصاد المهملتين، أي: في المعروف كما في الآية (بِالجَنَّةِ) متعلِّقٌ(3) بقولهِ: بايعناهُ، أي: بايعنَاه بالجنَّة، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”ولا نقضِي“ بالقاف، أي: ولا نحكُم بالجنَّة من قبلنا، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”فالجنَّةُ“ بالفاء بدل الموحدة‼ والرَّفع، أي: فلنا الجنَّة إن تركنَا ما ذكر من الإشراكِ وما بعده(4) (إن غَشِينَا) بفتح الغين وكسر الشين المعجمتين، كذا في الفرع، وفي «اليونينيَّة» وغيرها وعليه شرح الكِرْمانيُّ وتبعه العينيُّ: ”إن فعلنَا ذلكَ“ أي: ترك الإشراكِ وما بعدهُ (فَإِنْ غَشِينَا) بزيادة الفاء، أي: فعلنا (مِنْ ذَلِكَ) المبايَع على تركهِ(5) (شَيْئًا كَانَ قَضَاءُ ذَلِكَ) أي: حكمهُ (إِلَى اللهِ) إن شاءَ عاقبَ، وإن شاءَ عفَا عنه.
          قال في «الفتح»: وظاهرُ الحديث: أنَّ هذه البيعةَ على هذه الكيفيَّة كانتْ ليلة العقبةِ، وليس كذلك، وإنَّما كانت ليلة العقبة على المنشَطِ والمكرَهِ في العسرِ واليسر... إلى آخره، وأمَّا البيعة هنا فهي الَّتي تُسمَّى ببيعة النِّساء، وكانت بعد ذلك بمدَّة، فإنَّ آية النِّساء الَّتي فيها البيعة المذكورة نزلتْ بعد عُمرة الحديبية في زمن الهدنةِ وقبل فتحِ مكَّة، فكأنَّ البيعة الَّتي وقعتْ للرِّجال على وفقها كانتْ عام الفتحِ. انتهى.
          وقد وقع الإلمامُ بشيءٍ من هذا في «كتاب الإيمان» من هذا الشَّرح [خ¦18] فليراجع.


[1] في (د) زيادة: «الصنابحي».
[2] في (ل): «فتحتيَّة».
[3] في (ص): «يتعلق».
[4] في (د): «وما معه».
[5] في (ع): «عليه».