إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب: إذا أصاب قوم من رجل هل يعاقب أو يقتص منهم كلهم

          ░21▒ هذا (بابٌ) بالتَّنوين يذكرُ فيه: (إِذَا أَصَابَ قَوْمٌ مِنْ رَجُلٍ هَلْ يُعَاقَبُ) بفتح القاف مبنيًّا للمفعول، وفي رواية: ”يعاقبون(1)“ بلفظ الجمع، وفي أخرى: ”يعاقبوا“ بحذف النون لغةٌ ضعيفةٌ، أي: هل يكافأ الَّذين أصابوهُ ويجازون(2) على فعلِهم، كما وقع في اللُّدود (أَوْ يُقْتَصُّ) بالبناء للمفعول، وفي «اليونينيَّة»(3) للفاعلِ فيهما (مِنْهُمْ كُلُّهُمْ؟) إذا قتلوهُ أو جرحوهُ، أو يتعيَّن واحدٌ ليقتصَّ منه، ويؤخذُ من الباقين الدِّية، والأوَّل مذهب جمهورِ العلماء، وروي الثَّاني عن عبد الله بن الزُّبير ومعاذ، فلو قتلَه عشرةٌ فله أن يقتلَ واحدًا منهم ويأخذ من التِّسعة تسعةَ أعشارِ الدِّيَة.
          (وَقَالَ مُطَرِّفٌ) بضم الميم وفتح المهملة وكسر الراء مشددة بعدها فاء، ابنُ طريف، فيما رواه إمامنا الشَّافعيُّ ☼ عن سفيان بن عُيينة عن مطرِّف: (عَنِ الشَّعْبِيِّ) عامر (فِي رَجُلَيْنِ) لم يُسمَّيا (شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ) لم يُسمَّ أيضًا (أَنَّهُ سَرَقَ فَقَطَعَهُ) أي: فقطعَ يده (عَلِيٌّ) ☺ ؛ لثبوتِ سرقتهِ عنده بشهادَتهما (ثُمَّ جَاءَا) أي: الشَّاهدان (بِآخَرَ) برجلٍ آخر إلى عليٍّ ☺ (وَقَالَا) ولأبي ذرٍّ: ”فقالا“ «بالفاء» بدل: «الواو»، هذا الَّذي سرق وقد (أَخْطَأْنَا) على الأوَّل (فَأَبْطَلَ) عليٌّ ☺ (شَهَادَتَهُمَا) على الآخر كما في رواية الشَّافعيِّ، وفيه ردٌّ على من حملَ الإبطال في قولهِ: «فأبطلَ شهادَتهما»، على إبطالِ شهادتيهمَا معًا؛ الأولى لإقرارهمَا فيها بالخطأَ، والثَّانية لكونهمَا صارا متَّهمين، فاللَّفظ وإن كان محتملًا، لكن رواية الشَّافعيِّ عيَّنت أحدَ الاحتمالين (وَأُخِذَا) بضم الهمزة وكسر المعجمة بلفظ التَّثنية (بِدِيَةِ) يد الرَّجل (الأَوَّلِ) ولفظ رواية الشَّافعيِّ: وأغرمهما ديةَ الأوَّل (وَقَالَ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا) في شهادتِكما الكذبَ (لَقَطَعْتُكُمَا) أي: لقطعت أيديكما‼.


[1] في (د): «هل يعاقبون».
[2] في (د): «ويجازوا».
[3] في (ع) زيادة: «بالبناء».