إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص}

          ░3▒ (باب قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ}) أي: فُرِض ({عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}) جمع: قتيل، والمعنى: فُرض عليكم اعتبارُ المماثلة والمساواة بين القتلى ({الْحُرُّ بِالْحُرِّ}) مبتدأ وخبر، أي: الحرُّ مأخوذٌ أو مقتولٌ بالحرِّ ({وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ}) جهة ({أَخِيهِ شَيْءٌ}) من العفو؛ لأنَّ عفا لازمٌ، وفائدتُه: الإشعارُ بأنَّ بعض / العفو كالعفو التَّامِّ في إسقاط القصاص، والأخ وليُّ المقتول، وذكره بلفظ الأخوة بعثًا له على العطفِ لما بينهما من الجنسيَّة والإسلامِ ({فَاتِّبَاعٌ}) أي(1): فليكن اتِّباعٌ، أو فالأمر(2) اتِّباعٌ ({بِالْمَعْرُوفِ}) أي: يُطالب العافي القاتلَ بالدِّية(3) مطالبةً جميلة ({وَأَدَاء}) وليؤدِّ القاتلُ بدل الدَّم ({إِلَيْهِ}) إلى العافِي ({إِحْسَانٍ}) بأنْ لا يمطُلَه ولا يبخسَهُ ({ذَلِكَ}) الحكم المذكور من العفو وأخذ الدِّية ({تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ}) فإنَّه كان في التَّوراة القتل لا غير، وفي الإنجيلِ العفو لا غير، وأُبِيح لنا القصاص والعفو وأخذ المال بطريق الصُّلح توسعةً وتيسيرًا ({فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ}) التَّخفيف فتجاوزَ ما شُرع له من قتلِ غير القاتلِ أو القتل بعد أخذ الدِّية أو العفو ({فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[البقرة:178]) في الآخرة، وسقط لأبي ذرٍّ من قوله «{الْحُرُّ بِالْحُرِّ}...» إلى آخرها، وقال بعد قولهِ: {فِي الْقَتْلَى}: ”الآيةَ“ وسقط للأَصيليِّ من قولهِ «{الْحُرُّ بِالْحُرِّ}» وقال: ”إلى قولهِ {أَلِيمٌ}“ وقال ابن عساكرَ في روايته: ”إلى {عَذَابٌ أَلِيمٌ}“ وزاد الأَصيليُّ في التَّرجمة: ”وإذا لم يزلْ يُسألِ القاتل“ بضم التَّحتية من يُسأل: ”حتَّى أقرَّ، والإقرار في الحدودِ“.
          ولم يذكر المؤلِّف حديثًا في هذا الباب.


[1] «أي»: ليست في (ص) و(ع).
[2] في (د): «الأمر».
[3] «بالدية»: ليست في (د) و(ص) و(ع).