إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لن يزال المؤمن في فسحة من دينه

          6862- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ) غير منسوبٍ، وهو: ابنُ الجعد الجوهريُّ الحافظ، وليس هو: ابن المدينيِّ؛ لأنَّه لم يُدركْ إسحاقَ بن سعيد قال: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ العَاصِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ☻ ) أنَّه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : لَنْ يَزَالَ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: ”لا يزال“ (المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ) بضم الفاء وسكون السين وفتح الحاء المهملتين، أي: سعةٍ (مِنْ دِينِهِ) بكسر الدال المهملة وسكون التحتية بعدها نون، من الدِّين (مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا) بأن يقتل نفسًا بغير حقٍّ، فإنَّه يضيق عليه دِينه؛ لما أوعدَ الله على القتلِ عمدًا بغير / حقٍّ بما توعَّد به الكافر.
          وفي «معجم الطبراني الكبير» من حديث ابن مسعود بسندٍ رجالهُ ثقات إلَّا أنَّ فيه انقطاعًا مثل حديث ابن عمر موقوفًا، وزاد في آخره: «فإذا أصابَ دمًا حرامًا نُزعَ منه الحياء»، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: ”لن يزالَ المؤمنُ في فُسْحةٍ من ذَنْبه“ بذال معجمة مفتوحة فنون ساكنة بعدها موحدة، أي: يصير في ضيقٍ بسببِ ذنبه؛ لاستبعادِه العفو عنه لاستمراره في الضِّيق المذكور، والفُسحة في الذَّنب قبوله للغفران بالتَّوبة، فإذا وقعَ القتلُ ارتفعَ القَبول(1)، قاله ابنُ العربيِّ، قال في «الفتح»: وحاصلُه أنَّه قد فسَّره على رأي ابنِ عمر في عدمِ قبول توبةِ القاتل. انتهى.
          والحديثُ من أفرادِه.


[1] قال العلَّامة قطة ⌂ : هكذا في النسخ المُصحَّح عليها، ولا يخفى ما في هذه العبارة من الركاكة، فكان الأنسب على ما يظهر تقديم قوله: «والفُسحة» إلى آخره عليها، بأن يصير الكلام بعد قوله: «بعدها موحدة» هكذا: «والفُسحة في الذَّنب قبوله للغفران بالتَّوبة، فإذا وقعَ القتلُ ارتفعَ القَبول، فيصير في ضيقٍ بسببِ ذنبه؛ لاستبعادِه العفو حينئذ». ويحذف قوله: «لاستمراره في الضِّيق المذكور» لخلوه عن الاستقامة فتدبر. انتهى.