الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس

          ░2▒ (باب: ليْسَ الكَاذِب الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاس)
          قال الحافظ: ترجم بلفظ: (الكاذب) وساق الحديث بلفظ: (الكذَّاب)، واللَّفظ الَّذِي ترجم به لفظ مَعْمر عن ابن شهاب، وهو عند مسلم، وكان حقُّ السِّياق أن يقول: ليس مَنْ يصلح بين النَّاس كاذبًا، لكنَّه ورد على طريق القلب، وهو سائغ.
          ثم قال الحافظ: قالَ الطَّبَريُّ: ذهبت طائفة إلى جواز الكذب لقصد الإصلاح، وقالوا: إنَّ الثَّلاث المذكورة كالمثال، وقالوا: الكذب المذموم إنَّما هو فيما فيه مضرَّة، أو ما ليس فيه مَصْلَحَة، وقال آخرون: لا يجوز الكذب في شيء مُطْلقًا، وحملوا الكذب المراد هنا على التَّورية والتَّعريض كمن يقول للظَّالم: دعوت لك أمس، وهو يريد قوله: اللَّهمَّ اغفر للمسلمين، ويَعِد امرأته بعطيَّة شيء ويريد إن قدَّر الله ذلك.
          قال الحافظ: وبالأوَّل جزم الخطَّابيُّ وغيره.
          وبالثَّاني جزم المهلَّب والأَصِيليُّ وغيرهما، واتَّفقوا على جواز الكذب عند الاضطرار. انتهى.
          وفي «الفيض»: واعلم أنَّ الكذب جائز في بعض الأحوال عند الشَّافعيَّة، أمَّا الحنفيَّة فلا أراهُم يُجَوِّزُونه صَرَاحة في موضع، نعم وسَّعُوا بالكنايات والمعَارِيض وأمثالها، وراجعْ له كلام الغزاليِّ ☼. انتهى.