التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

حديث: من آمن بالله وبرسوله وأقام الصلاة وصام رمضان

          2790- قوله: (فَقَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ) بضمِّ الفاء وفتح اللَّام وبحاء مهملة، هو ابن سليمان، يُقَالُ اسمه عبد الملك، وفليح لقب.
          قوله: (مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَصَامَ رمضان، كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الجنَّة) أي: كان كالحقِّ، فإن قلت: الإيمان المجرَّد يكفي في دخول الجنَّة.قلت: ذكر الصَّلاة والصِّيام اهتمامًا بهما وبيانًا لشرفهما، لذكر جبريل وميكائيل بعمل (1) الملائكة، وإنَّما لم يذكر الزَّكاة والحجَّ وإن كانا من أركان الإسلام، لأنَّ قوله ذلك قد يكون قبل وجوبهما في ذلك الوقت أو على السَّامع.
          قوله: (فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللهَ، فَاسْأَلُوهُ الفِرْدَوْسَ) قال الزَّجَّاج: هو بالسِّريانيَّة: البستان، وقيل بلسان الروم، وقيل بالنَّبطية، فنُقِلَ إلى لسان العرب، وقيل هو البستان الَّذي يجمع كلَّ ما في البساتين من شجر وزهر ونبات مؤنَّق.وعبارة الزَّجَّاج: منه الفردوس والأودية (2) ينبت ضروبًا من النَّبت.
          قوله: (فإنَّه أَوْسَطُ الجنَّة) أي: أفضلها، وقيل الفردوس الكرم، وهو في الأحاديث ربوة في الجنَّة هي أوسط الجنَّة وأعلاها وأفضلها.قيل: وجمع بين قوله: (فإنَّه أَوْسَطُ الجنَّة) و(أعلى الجنَّة) / إشارة إلى أنَّه أراد بأحدهما الحسيِّ وبالآخر المعنويِّ، وإنَّما كان الأوسط الأفضل لقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}[البقرة:143] أي: خيارًا.وفي الترمذي: ((هو ربوة الجنَّة أوسطها وأقصاها)) وقال الدَّاودي: الفردوس باب من أبواب الجنَّة.وقال أبو أمامة: هو سرَّة الجنَّة.وذكر الجَوَاليقيُّ عن أهل اللُّغة أنَّه مذكَّر، وإنَّما أُنِّثَ في قوله تعالى: {الَّذينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[المؤمنون:11] وأراد بأعلى الجنَّة أرفعها.
          قوله: (أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ) هو بضمِّ القاف على معنى أعلاه عرش الرحمن؛ كذا قيَّده الأصيلي، وعند غيره بالنَّصب على الظَّرف.قال القاضي: وما قيَّده الأصيليُّ لا أعرف له معنى.وقال غيره إنَّه وهم عنه.انتهى.والضَّمير في (فَوْقَهُ) يوهم عوده إلى الفردوس؛ قال السفاقسي: بل هو راجع للجنَّة كلِّها.وكذا قال ابن التِّين؛ أي: فوق الجنَّة كلِّها.
          قوله في المتابعة: (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ أَبِيهِ: وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ) هذا التَّعليق أسنده البخاري في التَّوحيد عن إبراهيم بن المنذر عن محمَّد بن فليح به.قال الجيَّاني: ووقع في نسخة أبي الحسن القابسي: <حَدَّثَنَا محمَّد بن فليح> وهو وهم، لأنَّ البخاري لم يدرك محمَّد بن فليح، وإنَّما يروي عن إبراهيم بن المنذر ومحمَّد بن سنان عنه، والصَّواب: وقال محمَّد بن فليح كما روته الجماعة معلَّقًا.


[1] صورتها في الأصل:((بعد)).
[2] في الأصل:((الأودية)) بدون واو.