التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب فضل قول الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله}

          ░19▒ (بَابُ فَضْلِ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}[آل عمران:170]).
          عند ربهم: أي: في محلِّ كرامته، وهو كناية عن قرب المنزلة، وقيل أحياء في الجنَّة، والمراد بكونهم أحياء أنَّهم في الحال لذلك، ولا يمتنع في قدرة الله تعالى، وقيل لهم الثَّواب الدائم فهم بمنزلة الأحياء يُرزَقُون، أي: الأنَّ من طعام الجنَّة وشرابها وثمارها، وفرحين حال من الضَّمير في يُرزَقُون، واعلم أنَّ الحاكم روى في «مستدركه» من حديث ابن عبَّاس مرفوعًا: ((لما أُصِيبَ إخوانكم بأُحُد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد من أنهار الجنَّة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلَّقة في ظلِّ العرش، فلمَّا وجدوا طِيبَ مأكلهم ومشربهم ومنقلبهم قالوا من يبلِّغ إخواننا عنَّا أنَّنا أحياء في الجنَّة نُرزَقُ لِئلَّا يزهدوا في الجهاد، ويتَّكلوا عن الحرب؟ قال الله: أنا أبلِّغهم عنكم، فأنزل الله / : {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ} الآية [آل عمران:171]))، وقال صحيح، وذكره الطبريُّ عن ابن مسعود مرفوعًا، وروى الواحديُّ أنَّها نزلت في عبد الله بن حرام والد جابر (1)، وقال سعيد بن جبير: نزلت في حمزة ومصعب بن عمير لما أُصِيبَا يوم أُحُد، وقال أيضًا: نزلت في أهل أُحُد خاصَّة، وقال جماعة: نزلت في قتلى بئر معونة، وقال مقاتل: نزلت في قتلى بدر، وكانوا أربعة عشر شهيدًا.


[1] صورتها في الأصل:((خائر)).