التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب إضمار الخيل

          ░57▒ (بَابُ إِضْمَارِ الخَيْلِ)
          قال القاضي في «المشارق»: تضميرها هو تصليبها وشدُّها، وهو أن يُعلَفَ أوَّلًا حتَّى يسمن ويقوى، ثم يقتصر بعد على قوتها وحبسها في بيت، وتُجلَّلُ ويُشَدُّ عَلَيْها حتَّى يُكسَرَ عرقها، فيذهب رَهلها ويصلب ويقوى، فيكون ذلك أقوى لجريه.يُقَالُ ضمرت الفرس وأضمرته.قال النَّوويُّ: وجواز المسابقة على الخيل وتضميرها مُجمَعٌ عَلَيْه للمصلحة في ذلك، وتمرينها على الجريِّ المنتفع به في القتال عند الحاجة كَرًّا وفَرًَّا، والمسابقة بلا عوض مجمع على جوازها في جميع أنواع الخيل، سواءً كان معها ثالث أم لا، وأمَّا بالعرض فإن كان من غير المتسابقين فجائز إجماعًا، وإن كان منهما ومعهما محلل، وهو ثالث على فرس كفؤ لفرسيهما، ولم يخرج المحلل من عنده شيئًا فجائز أيضًا.
          تنبيه: ذُكِرَ في الباب المسابقة بين الخيل الَّتي لم تُضمَّر، وتُرِكَ ذكر المضمرة، وهو غير التَّبويب، لأنَّ المسابقة بين المضمرة لا يُنكَرُ عادةً، وغير المضمَّر قد يُنكَرُ، ويُعتقَدُ عدم جوازه لما فيه من مشقَّة سوقها والخطر / فيه، فبيَّن بالحديث جوازه، وأنَّ الإضمار ليس بشرط في المتابعة، أو أنَّه أراد حديث ابن عمر بطوله، وفيه السَّبق بالنَّوعين، فذكر طرفًا منه للعلم بنافيه، فإنَّه ذكره في الباب قبله، فما بالعهد من قدم.
          قوله: (فِيْ بَابِ غَايَةِ السَّبْقِ لِلْخَيْلِ المُضَمرَّة: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ) هو أبو إسحاق الفزاري إبراهيم بن محمَّد بن الحارث، يروي عنه موسى بن أيُّوب وأبو ثوبة الحلبي ومعاوية بن عمرو كما هنا وخلف، تُوفِّيَ سنة ستَّةٍ وثمانين ومائة.