التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

حديث: يا رسول الله، أي العمل أفضل؟

          2782- قوله: (حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ) بميم مكسورة وعين معجمة ساكنة وواو مفتوحة.
          قوله: (سَمِعْتُ الوَلِيدَ بْنَ العَيْزَارِ) بفتح العين المهملة وبمثناة من تحت ساكنة وزاي.
          قوله: (عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِي) هو سعد بن إياس الكوفي، تابعيٌّ مخضرم، أدرك الجاهليَّة، سمع بالنَّبيِّ صلعم وهو يرعى لأهله، عاش مائة وعشرين سنة، وتُوفِّيَ سنة ثمان وتسعين.
          قوله: (عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الصَّلاَةُ عَلَى مِيقَاتِهَا) الحديث.
          فإن قلت: تقدَّم في كتاب الإيمان أنَّه سُئِلَ أيُّ الإسلام خير؟ فقال: ((تطعم الطعام)) وسُئِلَ أيُّ الإسلام أفضل؟ فقال: ((من سلم المسلمون من لسانه ويده)) قلت: أجاب رسول الله صلعم لكلِّ سائل بما يوافق غرضه؛ فاختلاف الأحاديث لاختلاف السَّائلين ومقاصدهم، وأجاب كلَّ واحد بما يليق به أو بما يليق بالوقت الَّذي وقع السُّؤال فيه، أو بالنِّسبة إلى بعض الأشياء، قاله الكرماني.قال ابن الملقِّن: وجمع الدَّاودي أيضًا بأنَّ الاختلاف إن وقع في الصَّلاة (1) في ميقاتها كان الجهاد مقدَّمًا على برِّ الوالدين، وإن أخَّرها عن وقتها كان برُّ الوالدين مقدَّمًا على الجهاد.
          قال الطَّبري: ومعنى الحديث أنَّ هذه الخصال أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله ورسوله، وذلك أنَّ من ضيَّع الصَّلاة المفروضة حتَّى أخَّرها عن وقتها بغير عذر يُعذَرُ به مع خِفَّةِ مؤنتها وعِظَمِ فضلها فهو بلا شكٍّ لغيرها من أمور الدِّين والإسلام أشدُّ تضييعًا، وبه أشدُّ تهاونًا واستخفافًا، ولذلك من ترك برَّ الوالدين وضيَّع حقوقهما مع عظم حقِّهما عليه وخالف أمر الله ووصيَّتَه بهما، فهو لغير ذلك من حقوق الله تعالى أشدُّ تضييعًا، وكذلك من ترك الجهاد لأعداء الله (2) وخالف أمره في قتال من كفر به، وناصب أولياءه وأنبياءه للحرب، فهو لجهاد من دونهم من فسَّاق أهل التَّوحيد أشدُّ تركًا، فهذه الأمور الثَّلاثة تدلُّ المحافظة عليهنَّ على المحافظة على ما سواهنَّ من أمور الدِّين والإسلام، فلذلك خصَّصَهُنَّ الشَّارع بأنَّهنَّ أفضل الأعمال.
          قوله: (ثُمَّ قُلْتُ: أَيُّ) قال أبو الفرج: هو بالتَّشديد، كذا سمعته من ابن الخشَّاب / وقال ابن الخشَّاب: لا يجوز إلَّا تنوينه لأنَّه اسم معرَب غير مضاف.قال الزركشي: لكنَّه مضاف تقديرًا والمضاف إليه محذوف لوقوعه في الاستفهام، والتَّقدير: ثمَّ أيُّ العمل أفضل؟.وهذا إذا وصلت بما بعده؛ فإن وقفت عليه فبالإسكان.


[1] في الأصل:((الاختلاف إن أوقع الصلاة)).
[2] في الأصل:((لله)).