التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب: الشهادة سبع سوى القتل

          ░30▒ (بَابٌ: الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى القَتْلِ)
          لم يذكر في الباب سوى خمس، وحديث السَّبع في «الموطَّأ» عن جابر بن عتيك وقال فيه: ((الشُّهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله)) فذكر ((المطعون والمبطون والغريق وصاحب الهدم وصاحب ذات الجنب والحرق والمرأة تموت بجمع)) وهو صحيح أخرجه أبو داود، وصحَّحه ابن حبَّان والحاكم، وقال صحيح الإسناد، وفي رواية لأبي نعيم في كتابه «معرفة الصَّحابة» ((وسادن بيت المقدس)) واعترض ابن بطَّال فقال: لا يخرج ترجمة الباب من حديثه الَّذي ذكره فيه أصلًا، وذلك يدلُّ على أنَّ البخاريَّ مات ولم يُهَذِّبْ كتابه، لأنَّه لم يذكر فيه الحديث الَّذي عنه أنَّ الشُّهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله، وقال الإسماعيليُّ: التَّرجمة مخالفة للحديث.قال الزركشيُّ: بل أشار بالتَّرجمة إلى أنَّ الحديث بالسَّبع قد ورد ولكن ليس على شرطه.انتهى.ولم يقف على / حديث «الموطَّأ» قال ابن المنذر: ويُحتَمَلُ عندي أن يكون أراد التَّنبيه على أنَّ الشَّهادة لا تنحصر في القتل، بل لها أسباب أُخَر، وتلك الأسباب أيضًا اختلفت الأحاديث فيها، ففي بعضها خمسة وهو ما صحَّ عنده ووافق، وفي بعضها سبع، لكن لم يوافق شرطه فنبَّه عليه في التَّرجمة إيذانًا بأنَّ الوارد في عددها من الخمسة أو السَّبعة ليس على معنى التَّحديد الَّذي لا يزيد ولا ينقص، بل هو إخبار عن خصوص فيما ذُكِرَ.
          واعلم أنَّ حاصل ما وقع أنَّ الشُّهداء جمٌّ غفير، ومجموع ما ذُكِرَ في هذا الباب ثمانية، أعلاها القتل في سبيل الله والمطعون والمبطون والغرق والحرق وصاحب الهدم وذات الجنب والمرأة تموت بجمع، وفي الصَّحيح: ((من قُتِلَ دون ماله فهو شهيد)).قال ابن العربيُّ: قال ابن عبد البرِّ: وصاحب البطن وهو العين والغريب شهيدان، قال: وحديثهما أحسن، ولما ذكر الدَّارقطني حديث ابن عمر: ((الغريب شهيد)) صحَّحه، ولابن ماجه من حديث أبي هريرة مرفوعًا: ((من مات مريضًا مات شهيدًا)).وفي فتنة القبر: ((وغُدي عليه وريح يرزقه من الجنَّة)).وجاء من حديث ابن عبَّاس: ((من عشق وعفَّ وكتم ومات مات شهيدًا)) وقد ضعَّفوه، والفقهاء ذكروه من الشُّهداء.وفي النَّسائيِّ من حديث سويد بن مقرن: ((من قُتِلَ دون مظلمة فهو شهيد)) وفي الترمذيِّ من حديث معقل بن يسار: ((من قال حين يُصبِحُ ثلاث مرَّات: أعوذ بالله السَّميع العليم من الشَّيطان الرَّجيم، وقرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر، فإن مات من يومه مات شهيدًا)) ثم قال: حسن غريب.