التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب السرعة في السير

          ░136▒ بَابُ السُّرعَةِ فِي السَّيْرِ:
          قوله: (وقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: قَالَ النَّبيُّ صلعم : إِنِّي مُتَعَجِّلٌ إِلَى المَدِينَةِ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِي فَلْيتعَجَّلْ) هذا سلف مسندًا في الحجِّ من حديث عبَّاس بن سهيل بن سعد عنه قال: (خَرَجْنَا مَعَ النَّبيِّ صلعم / فِيْ غَزْوَةِ تَبُوْكَ..) الحديث.
          و(أَبُو حُمَيْدٍ) هو عبد الرَّحمن بن سعد بن المنذر السَّاعدي الأنصاري.قوله: (حَدَّثَنَا محمَّد بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى _يعني القطَّان_ عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: سُئِلَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ: كَانَ يَحْيَى يَقُولُ وَأَنَا أَسْمَعُ فَسَقَطَ عَنِّي) جملة معترضة بينهما، أي: كان يحيى يقول تعليقًا عن عروة ومسندًا إليه أنَّه قال: سُئِلَ أسامة وأنا أسمع السُّؤال، قال يحيى: فسقط عنِّي هذا اللَّفظ، أي: لفظ (وأنا أسمع) عند رواية الحديث، كأنَّه لم يذكرها أوَّلًا، واستدركها آخرًا، وقال في كتاب الحج: (سُئِلَ أسامة وأنا جالس)، وفي «صحيح مسلم»: قال هشام عن أبيه: سُئِلَ عن أسامة وأنا شاهده، كيف كان سير رسول الله صلعم حين أفاض من عرفة؟.
          قوله: (كان يَسِيرُ العَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ) العَنَق بفتح العين المهملة والنُّون والقاف، هو السَّير الخفيف، و(النَّصُّ) السَّير القويُّ فوق العَنَق، قال أبو عبيد: والنَّصُّ التَّحريك حتَّى يستخرج من النَّاقة أقصى سيرها، وأصله منتهى الأشياء وغايتها، والفجوة الشقة من الأرض يخرج إليها من ضيق، وإنَّما عجَّل السَّير في الفجوة في دفعه من عرفة ليتعجَّل الوقوف بالمشعر الحرام ويدعو (1) الله في ذلك الوقت، وكان في تعجيله إلى المدينة ليريح نفسه من تعب السَّفر وليفرح بسلامته أهله وجماعة المؤمنين، وتعجيل ابن عمر إلى زوجته ليدرك من حنانها (2) بما يمكن أن يعهد إليه بما لا يعهد به إلى غيره، وكان يسرُّها بقدومه.
          قوله: (عَن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبيَّ صلعم إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ أَخَّرَ المَغْرِبَ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا) أي: بينها وبين العشاء، وهو حجَّة للشَّافعي ☺ على جواز الجمع بغير مزدلفة.


[1] في الأصل:((ويدع)).
[2] في الأصل: ليست واضحة.