التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

حديث: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا

          2783- قوله: (لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ) يريد من مكَّة لمن لم يكن هاجر قبل فتحها، بدليل الحديث الآخر: ((يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثًا)) قاله النَّووي.ومعنى الحديث أنَّ تحصيل الخير بسبب الهجرة قد انقطع بفتح مكَّة، لكن حصِّلوه بالجهاد والنِّية الصَّالحة، وأمَّا الهجرة من سائر المواضع الَّتي لا يُقَامُ فيها أمر الدِّين فهي واجبة اتِّفاقًا.
          قوله: (وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ) كلمة (لَكِنْ) قال الطِّيبي: تقتضي مخالفة ما بعدها لما قبلها، أي: المفارقة عن الأوطان المسمَّاة بالهجرة المطلقة انقطعت، لكن المفارقة بسبب نيَّة خالصة لله ╡ لطلب العلم والفرار بدينه ونحو ذلك، وتقدَّم كلام النَّووي في معنى الحديث.
          قوله: (وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا) أي: إذا طلبكم الإمام إلى الغزو وأمركم بالخروج فاخرجوا، ويحتمل العموم، أي: إذا استُنفِرتُم إلى الجهاد وإلى طلب العلم ونحوه فانفروا.