التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب بيع العبيد والحيوان بالحيوان نسيئةً

          ░108▒ (بَاب بَيْعِ العبد بالعبد وَالْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً).
          قوله: (وَاشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ يُوفِيهَا بِالرَّبَذَةِ) أي: تلك الراحلة تكون مضمونة على البائع، ويوفيها أي: يسلمها إلى صاحبها بالربذة هي بفتح الراء المهملة والباء الموحدة والذال المعجمة موضع خارج المدينة بينه وبينها ثلاثة مراحل وهي قريبة من ذات عرق، والراحلة: هي الناقة التي تصلح لأنَّ ترحل، ويقال: الراحلة للمركب من الإبل ذكرًا كان أو أنثى، وأثر ابن عمر خرجه مالك في «الموطأ» عن نافع عنه أنَّه اشترى فذكره.
          قوله: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ يَكُونُ البَعِيرُ خَيْرًا مِنَ البَعِيرَيْنِ) هذا الأثر عن ابن عبَّاس أخرجه الشافعي في «مسنده» فقال: أخبرنا ابن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس: أنَّه سُئل عن بعير ببعيرين، فقال: قد يكون البعير خير من البعيرين.
          قوله: (وَاشْتَرَى رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ فَأَعْطَاهُ أَحَدَهُمَا، وَقَالَ: آتِيكَ بِالْآخَرِ غَدًا رَهْوًا إِنْ شَاءَ اللهُ) هذا الأثر ذكره عبد الرزاق في «مصنفه» عن معمر عن يزيد العقيلي عن مطرف بن عبدالله بن الشخير: أن رافع بن خديج، فذكره، و(رَهْوًا) بفتح الراء وسكون الهاء: المسير السهل، والمراد به هنا: أنا آتيك به سهلًا بلا شدَّة ومماطلة؛ إذ إن المأتي به يكون سهل السير رفيعًا غير خشن.
          قوله: (وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ لَا بَأْسَ بَعِيرٌ بِبَعِيرَيْن ودرهم بدرهم نَسِيئَةً) هذا التعليق وقع لأبي زيد: ودرهم أو درهمين، وعند أبي ذر ولأبي الهيثم والحموي: ودرهم بدرهمين وهو خطأ، ورواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن أيوب عن ابن سيرين قال: لا بأس ببعير ببعيرين ودرهم بدرهم نسيئة، قال: فإن كان أحد البعيرين نسيئة فهو مكروه، ورواه سعيد بن منصور: حدَّثنا هشيم أخبرنا يونس عن ابن / سيرين: أنَّه كان لا يرى بأسًا بالحيوان يدًا بيد والدراهم نسيئة، ويكره أن يكون الدرهم نقدًا والحيوان نسيئة، واعترض ابن بطال فقال: أمَّا قول ابن سيرين ودرهم بدرهم نسيئة، وفي بعض النسخ: ودرهم بدرهمين، وإن كل ذلك خطأ في النقل عن البخاري، يعني: ودرهم بدرهمين، والصحيح عن ابن سيرين أنَّه قال: ودرهم بدرهم كما رواه عبد الرزاق فذكره، لكن بلفظ: لا بأس بعير ببعيرين ودرهم أو درهمين الدرهم نسيئة، وأسقط قتادة من الإسناد، وقد ذكر مالك في «الموطأ» مثله فقال: الجمل بالجمل وزيادة دراهم، والذي يجوز من ذلك أن يكون الجملان نقدًا، ولا يبالي تأخرت الدراهم أو تعجَّلت؛ لأنَّ الجمل بالجمل قد حصلت يدًا بيد، فبطل توهم السلف فيه.
          قوله: (وَقَالَ ابْنُ المُسَيِّبِ: لاَ رِبَا فِي الحَيَوَانِ: البَعِيرُ بِالْبَعِيرَيْنِ، وَالشَّاةُ بِالشَّاتَيْنِ إِلَى أَجَلٍ) هذا الأثر رواه الشافعي عن مالك عن ابن شهاب عنه قال: لأنَّ باقي الحيوان قد نهي عن المضامين والملاقيح وحبل الحبلة، وقال عبد الرزاق في «مصنفه»: أخبرنا معمر عن الزهري قال: سُئل ابن المسيب، فذكره.