التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب: إذا اشترط شروطًا في البيع لا تحل

          ░73▒ (باب إِذَا اشْتَرَطَ شُرُوطًا فِي البَيْعِ لاَ تَحِلُّ)
          ذكر فيه حديث بريرة، وأنَّها كوتبت على أواقي جمع الأوقية، وفي مقدارها / خلاف، والأصح: أن الوقية الحجازية أربعون درهمًا، وكان أصله: أواقي بتشديد الياء، فحذف إحدى اليائين تخفيفًا، والثانية على طريقة قاض، وفيه أن مال الكتابة منجم، وبريرة بفتح الباء الموحدة وكسر الراء المهملة بعدها مثنَّاة من تحت ساكنة ثمَّ راء مكررة ثمَّ تاء التأنيث، قال النووي: وفي قوله صلعم : (خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُم الْوَلَاءَ) إشكال؛ لأنَّ هذا الشرط يفسد البيع، وكيف وهو متضمن للخداع والتغرير؟ وكيف أذن لأهله فيما لا يصح؟ ولهذا الإشكال أنكر بعضهم هذا الحديث بجملته، وقال الجمهور: هذه اللقطة صحيحة، واختلفوا في تأويلها، فقيل: قوله: (واشرطي لهم) بمعنى: عليهم كما في قوله تعالى: {وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ}[غافر:52] أي: عليهم، وفي قوله: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا}[الإسراء:7] أي: عليها وهو ضعيف؛ لأنَّه ╕ أنكر عليهم الاشتراط، ولو كان كما قال هذا القائل لم ينكره، وقد يجاب عنه بأنَّه صلعم إنَّما أنكر ما أرادوا شرطه في أول الأمر.
          والأصحُّ في تأويله ما قاله أصحابنا في كتب الفقه: أنَّ هذا الشرط خاص في قصَّة عائشة، واحتمل هذا الإذن وإبطاله في هذه القصة خاصة، وهي قصة عين لا عموم لها، قال: والحكمة في إذنه ثمَّ إبطاله: المبالغة في قطع عادتهم في ذلك، وزجرهم عن مثله، كما أذن صلعم في الإحرام بالحج، ثمَّ أمرهم بفسخه، وجعله عمرة؛ ليكون أبلغ في زجرهم وقطعهم عمَّا اعتادوه من منع العمرة في أشهر الحج، وقد تُحتمل المفسدة اليسيرة لتحصيل مصلحة عظيمة.