التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب شراء المملوك من الحربي وهبته وعتقه

          ░100▒ (باب شِرَاءِ المَمْلُوكِ مِنَ الحَرْبِيِّ وَهِبَتِهِ)
          وهو أول الجزء السابع عشر من أجزاء ستين.
          قوله: (وَقَالَ النَّبِيُّ صلعم لِسَلْمَانَ: كَاتِبْ وَكَانَ حُرًّا، فَظَلَمُوهُ وَبَاعُوهُ) هذا التعليق أسنده ابن حبان والحاكم من حديث سماك بن حرب عن زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ فذكره، قال الحاكم: حديث صحيح عال في ذكر إسلام سلمان، وأسنده البزار أيضًا من حديث محمود بن لبيد عن ابن عباس، فذكره مطولًا، وقوله: (وَكَانَ حُرًّا) حال من (قَالَ) لا من (كَاتِبْ)، وقصَّته: أن هرب من أبيه لطلب الحق وكان مجوسيًّا، فلحق براهب بعد راهب، وكان يصحب كلَّ واحد إلى وفاته حتى دله الأخير إلى الحجاز، وأخبره بظهور رسول الله صلعم ، فقصده مع بعض الأعراب فغدروا به، فباعوه في وادي القرى يهوديًا، ثمَّ اشتراه يهودي آخر من بني قريظة، فقدم به المدينة فلما قدمها سول الله صلعم ورأى علامات النبوَّة أسلم، فقال له رسول الله صلعم : ((كاتب عن نفسك))، عاش ☺ مائتين وخمسين سنة، ومات سنة ست وثلاثين بالمدائن.
          فإن قيل: كيف أمره الشارع بالكتابة وهو حر؟ قيل: أراد بالكتابة: صورتها لا حقيقتها، فكأنَّه قال: افد عن نفسك، وتخلص من ظلمه.
          فإن قيل: كيف جاز أن يتملك سلمان وهو مسلم، ولا يجوز للكافر أن يتملك المسلم؟ قيل: أجاب عنه الطبري بأن حكم هذه الشريعة أن من غلب من أهل الحرب على نفس أو مال لغيره، ولم يكن المغلوب على ذلك ممَّن دخل في الإسلام؛ فهو لغالبه ملكًا، وسلمان حين غلب على نفسه لم يكن مسلمًا، وإنَّما كان إيمانه إيمان تصديق بالنَّبي صلعم إذا بعث مع إقامته على شريعة عيسى ◙ ، فأقرَّه الشارع صلعم مملوكًا لمن كان في يده؛ إذ كان حكمه ◙ أنَّ من أسلم من رقيق المشركين في دار الحرب ولم يخرج مراغمًا لسيِّده؛ فهو لسيِّده، وإن كان سيده من أهل صلح المسلمين؛ فهو مملوك لمالكه.
          وفيه أنَّ الكتابة تكفي في إزالة ملك السيد للكافر عن عبده الذي أسلم؛ لأنَّ سلمان حين أسلم كان في ملك يهودي. /
          قوله: (وَسُبِيَ عَمَّارٌ) هو بتشديد الميم وفتح العين المهملة.
          قوله: (صُهَيْبٌ) بضم الصاد المهملة، هو ابن سنان بسين مهملة ونونين الرومي، وأصله من العرب من بني النمر بن قاسط بقاف وسين وطاء مهملتين، وكانت منازل قومه بأرض الموصل، فأغارت الروم على تلك الناحية، فسبَوه وهو صغير، فابتاعته منهم كلب، ثمَّ قدمت به مكَّة، فاشتراه عبدالله بن جدعان، فأعتقه وذكر بعض الرواة: أن اسم صهيب: عمر.