التلويح إلى معرفة ما في الجامع الصَّحيح

باب الكيل على البائع والمعطي

          ░51▒ (باب الكَيْلِ عَلَى البَائِعِ وَالمُعْطِي).
          قوله: ({وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ}[المطففين:3]) أي: كالوا لهم أو وزنوا لهم، يعني: حذف الجار، وأوصل الفعل، وفيه وجه آخر، وهو أن يكون على حذف المضاف، وهو المكيل والموزون، أي: كالوا مكيلهم، ووزنوا موزونهم، يعني: أنهم كانوا إذا باعوهم شيئًا وكالوا لهم للبيع نقصوه في الكيل والوزن.
          قوله: (وَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : «اكْتَالُوا حَتَّى تَسْتَوْفُوا») هذا التعليق ذكره ابن أبي شيبة من حديث طارق بن عبدالله المحاربي بإسناد جيد.
          قوله: (ويذكر عن عثمان: أن النَّبي صلعم قال: إذا بعت فكل، وإذا ابتعت فاكتل) هذا التعليق أسنده الدارقطني بإسناد ضعيف إلى منقذ مولى سراقة، وليس بمشهور عن عثمان قال له النَّبي صلعم : «إذا ابتعت طعامًا فاكتل، وإذا بعت فكل»، وذكره ابن أبي حاتم، وقال عن أبيه: إنَّه حديث منكر الإسناد، وأخرجه ابن ماجه من حديث ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن سعيد بن المسيب عن عثمان وجابر / نهى رسول الله صلعم عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان: صاع البائع، وصاع المشتري، وفي إسناده ابن أبي ليلى، ومعنى: (إذا بعت فكل) أي: أوف، (وإذا ابتعت فاكتل) أي: استوف بكيل لا لك ولا عليك، نبه عليه ابن التين. فإن قلت: ما الفرق بين كلت واكتلت؟ قال الكرماني: قلت: الاكتيال إنَّما يستعمل إذا كان الكيل لنفسه، يقال: فلان مكتسب لنفسه وكاسب لغيره، واشتوى إذا اتحد الشواء لنفسه، وشوى أعم منه، والغرض منه: بيان أنَّه لا بد من الكيل احترازًا عن المجازفة، والأنسب للترجمة أن يقال: الاكتيال فيه معنى المطاوعة، يعني: إذا بعت فكان كائلًا، وإذا اشتريت فكن مكتلًا عليك، أي: الكيل على البائع لا المشتري، قال ابن بطال: وفيه أنَّه يكتل له غيره إذا اشترى، ويكتل لغيره إذا باع.