التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من قرأ السجدة ولم يسجد

          ░6▒ بَابُ مَن قَرَأَ السَّجْدَةَ وَلَمْ يَسْجُدْ.
          1072- 1073- ذكر فيه (عَن ابن قُسَيطٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، فَزَعَمَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى النَّبِيِّ صلعم {وَالنَّجْمِ} [النجم:1] فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا).
          وبه عن زيدٍ قال: (قَرَأتُ عَلَى النَّبِيِّ صلعم: {النَّجْمَ} فَلَمْ يَسْجُدْ فِيْهَا).
          الشرح: هذا الحديث أخرجه مسلمُ أيضًا، ويأتي في التفسير، وقد سلف الجواب عنه أوَّل هذه الأبواب، وفي الدَّارقطنيِّ: ((فَلَمْ يَسْجُدْ منَّا أحدٌ)).
          وقال ابن حَزْمٍ: احتج المقلِّدون لمالكٍ بخبر رُوِّيناه، ثمَّ ساق حديث الباب، ولا حُجَّة لهم لأنَّه لم يقل: إنَّهُ صلعم قال: لا سجودَ فيها، وإنَّما هو حُجَّةٌ على مَن قال بفرضيته، وكذا نقول: إنَّه ليس فرضًا لكنَّ فعله أفضل، ولا حرج في تركه ما لم يرغب عن السُّنَّة، وأيضًا فإنَّ راوي الحديث قد صحَّ عن مالكٍ أنَّه لا يُعتمد على روايته، وهو يزيد بن عبد الله بن قُسَيطٍ فالآن صارت روايته حُجَّةً في إبطال السُّنن على أنَّه ليس فيها شيءٌ ممَّا يدَّعونه.
          قال: وقد صحَّ بطلان هذا الخبر بحديث أبي هريرة أنَّه صلعم سجَدَ بهم في النَّجْم، وأبو هريرة متأخِّر الإسلام.
          فرع: إذا لم يسجد القارئ، فهل يسجد السَّامع؟ فيه وجهان عندنا:
          أصحُّهما: نعم، وبه قال ابن القاسمِ وابن وهبٍ، خلافًا لِمُطَرِّفٍ وابنِ الماجِشُون وأصبغَ وابنِ عبد الحكم، وصوَّبه ابن حبيبٍ لأنَّ القارئ لو كان في صلاةٍ ولم يسجد لم يسجد مَن معه، فكذا هذا.
          واختلف هل يسجد المعلِّم والذي يقرأ عليه أوَّل مرَّةٍ؟ حكاه ابن التِّين قال: وقد قيل: هذا الحديث ناسخٌ للسجود فيها.