شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الذكر في الكسوف

          ░14▒ باب الذِّكْرِ في الْكُسُوفِ. /
          رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
          فيه: أَبُو مُوسَى قَالَ: (خَسَفَتِ(1) الشَّمْسُ، فَقَامَ النَّبيُّ صلعم فَزِعًا يخشى(2) أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ، فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى بِأَطْوَلِ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ(3) رَأَيْتُهُ قَطُّ يَفْعَلُهُ، وَقَالَ: هَذِهِ الآيَاتُ الَّتِي يُرْسِلُ اللهُ(4) لا تَكُونُ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنْ: {يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبَادَهُ}(5)[الزمر:16]فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَافْزَعُوا إلى ذِكْرِ الله وَدُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ). [خ¦1059]
          وترجم له: باب الدُّعاء في الخسوف، وقد تقدَّم أنَّ السُّنَّة عند نزول الآيات الاستغفار والذكر والفزع إلى الله تعالى بالدُّعاء وإخلاص النِّيات بالتَّوبة والإقلاع، [خ¦1037] [خ¦1048] وبذلك يكشف الله تعالى ظاهر العذاب قال الله تعالى(6): {فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}[الأنعام:43](7).
          قال المُهَلَّب قوله: (قَامَ فَزِعًا يَخْشَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ) يدلُّ أنَّ الكسوف كان بالشَّمس كلِّها ولم يُعهد مثله قبل ذلك، وكان ذلك قبل أن يُعلمه الله تعالى بأشراط السَّاعة ومقدِّماتها، ولم يسرع انجلاؤه ولذلك أطال الصَّلاة فيه، والله أعلم(8).


[1] في (ص): ((خُسِفَت)) بضبط الحركات.
[2] في (ص): ((فخشي)).
[3] زاد في (م) و(ق): ((ما)).
[4] قوله: ((التي يرسل الله)) ليس في (م) و(ق).
[5] قوله: ((ولكن يخوف الله به عباده)) ليس في (م) و(ق).
[6] قوله: ((ظاهر العذاب قال الله تعالى)) ليس في (ص).
[7] زاد في (م) و(ق): ((وقال ابن الباقلاني: إنما خشي ◙ أن تكون الساعة لأن الله تعالى أعلمه أن القيامة تقوم وهما منكسفا النور وقد تقدم هذا في باب قول النبي صلعم يخوف الله عباده بالكسوف)).
[8] العبارة في (م): ((وقال المهلب: وقوله: فقام فزعًا يخشى أن تكون الساعة يدل أن هذا كان قبل أن يعلمه الله ╡ بأشراط الساعة ومقدماتها والله أعلم ويدل أن الكسوف كان بالشمس كلها ولم يعهد مثله قبل ذلك وإذا كان الكسوف بالشمس كلها دامت مدته ولم يسرع انجلاؤه ولذلك ما طالت مدة الصلاة فيه، والله أعلم.)).