شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب ما ينهى من الاحتيال للولي في اليتيمة المرغوبة

          ░8▒ باب: مَا يُنْهَى مِنَ الاحْتِيَالِ لِلْوَلِيِّ في الْيَتِيمَةِ الْمَرْغُوبَةِ وَأَنْ لا يُكَمِّلَ صَدَاقَهَا
          فيه: عَائِشَةُ: في قوله ╡: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لا تُقْسِطُوا في الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ}(1)[النساء:3]، قَالَتْ: هِيَ الْيَتِيمَةُ في حَجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ في مَالِهَا وَجَمَالِهَا فَيُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّةِ نِسَائِهَا، فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ في إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، ثُمَّ اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللهِ صلعم بَعْدُ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {وَيَسْتَفْتُونَكَ في النِّسَاءِ}[النساء:127]فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. [خ¦6965]
          فيه: أنَّه لا يجوز للولِّي أن يتزوَّج يتيمةً بأقلَّ من صداقها، ولا أن يعطيها من العروض في صداقها ما لا يفي بقيمة صداق مثلها، وقال ابن عبَّاسٍ: قُصر الرجل على أربع من النساء من أجل اليتامى. ومعناه أنَّ سبب نزول القرآن بإباحة أربعٍ كان من أجل سؤالهم عن اليتامى، وكانوا يستفتونه لما كانوا يخافونه من الحيف عليهنَّ، فقيل لهم: إن خفتم الحيف عليهنَّ فاتركوهنَّ، فقد أحللت لكم أن تنكحوا أربعًا.
          فإن قال قائلٌ ممَّن لا فهم له بكتاب الله من أهل البدع: كيف يخافون ألَّا يقسطوا في اليتامى ويؤمرون بنكاح أربعٍ وهم عن القسط بينهنَّ أعجز؟ قال أبو بكر بن الطيِّب(2): ومعنى الآية: إن خفتم ألَّا تعدلوا في اليتامى الأطفال اللاتي لا أولياء لهنَّ يطالبونكم بحقوق الزوجيَّة وتخافون من أكل أموالهنَّ بالباطل؛ لعجز الأطفال عن منعكم منها فانكحوا سواهنَّ أربعًا من النساء البُزَّل القادرات على تدبير أموالهنَّ، ذوات الأولياء الذين يمنعونكم من تحيُّف أموالهنَّ ويأخذونكم بالعدل بينهنَّ، فأنتم عند ذلك أبعد عن(3) أكل أموالهنَّ بالباطل والاعتداء عليهنَّ.


[1] في (ص): ((..في اليتامى، الآية)).
[2] قوله: ((بن الطيب)) ليس في (ص).
[3] في (ص): ((من)).