شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب[الحيلة في النكاح]

          ░4▒ باب: الْحِيلَةِ في النِّكَاحِ(1)
          فيه: ابْنُ عُمَرَ: (أَنَّ النَّبيَّ صلعم نَهَى عَنِ الشِّغَارِ)، قُلْتُ لِنَافِعٍ: مَا الشِّغَارُ؟ قَالَ: يَنْكِحُ ابْنَةَ الرَّجُلِ وَيُنْكِحُهُ ابْنَتَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ، وَيَنْكِحُ أُخْتَ الرَّجُلِ وَيُنْكِحُهُ أُخْتَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ.
          وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنِ احْتَالَ حَتَّى تَزَوَّجَ على الشِّغَارِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. [خ¦6960]
          وَقَالَ في الْمُتْعَةِ: النِّكَاحُ فَاسِدٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ.
          وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْمُتْعَةُ وَالشِّغَارُ جَائِزٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ.
          فيه: عَلِيٌّ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لا يَرَى بأسًا بِمِتْعَةِ النِّسَاءِ! فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الإنْسِيَّةِ.
          وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنِ احْتَالَ حَتَّى تَمَتَّعَ فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ.
          وَقَالَ بَعْضُهُمُ: النِّكَاحُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. [خ¦6961]
          قال بعض من لقيت: أمَّا نكاح الشغار ففساده في الصداق عند أبي حنيفة، ولا يكون البضع صداقًا عند أحدٍ من العلماء إلَّا أنَّ أبا حنيفة يقول: هذا النكاح منعقدٌ، ويصلح بصداق المثل؛ لأنَّه يجوز عنده انعقاد النكاح دون ذكر الصداق بخلاف البيع، ثمَّ يذكر الصداق فيما بعد، فلمَّا جاز هذا عندهم كان ذكرهم للبضع بالبضع كلا ذكر وكأنَّه نكاحٌ انعقد بغير صداقٍ، وما كان عند أبي حنيفة من النكاح فاسدًا من أجل صداقه فلا يفسخ عنده قبل ولا بعد، ويصلح بصداق المثل وبما يفرض، وعند مالكٍ والشافعيِّ يفسخ نكاح الشغار قبل الدخول وبعده، حملا نهي النبيِّ صلعم على التحريم؛ لعموم النهي، إلَّا أنَّ مالكًا والشافعيَّ اختلفا(2) إن ذكر في الشغار دراهم.
          فقال مالكٌ: إن ذكر مع إحداهما دراهم صحَّ نكاح التي سمِّي لها دون الثانية. وقال الشافعيُّ: إن سمِّي لإحداهما صحَّ النكاحان معًا، وكان للتي سمِّي لها ما سمِّي، وللأخرى صداق المثل، وقد تقدَّم هذا في كتاب النكاح(3). [خ¦5112]
          وأمَّا قوله في المتعة فإنَّ فقهاء الأمصار لا يجيزون نكاح المتعة على حالٍ، وقول بعض أصحاب أبي حنيفة: المتعة والشغار جائزٌ والشرط باطلٌ غير صحيحٍ؛ لأنَّ المتعة منسوخةٌ بنهي النبيِّ صلعم عنها، ولا يجوز مخالفة النهي، وفساد نكاح المتعة من قبل البضع.


[1] قوله: ((الْحِيلَةِ في النِّكَاحِ)) ليس في (ص).
[2] في (ز): ((اختلفوا)) والمثبت من (ص).
[3] قوله: ((في كتاب النكاح)) ليس في (ص).