شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: إذا وجد تمرةً في الطريق

          ░6▒ بَابُ إِذَا وَجَدَ تَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ
          فيهِ أَنَسٌ: (مَرَّ النَّبيُّ صلعم بِتَمْرَةٍ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لأَكَلْتُهَا). [خ¦2431] [خ¦2432]
          وفيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ ◙(1): (إِنِّي لأَنْقَلِبُ إلى أَهْلِي، فَأَجِدُ التَّمْرَةَ(2) سَاقِطَةً عَلَى / [فِرَاشِي، فَأَرْفَعُهَا لآكُلَهَا، ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً فَأُلْقِيهَا).
          أمَّا ما لا بالَ له ولا يتشاحُّ النَّاسُ فيه ولا يطلبونَه كالتَّمرةِ والجوزةِ والتِّينةِ والفُتَاتَةِ(3) والحَبَّةِ مِنَ الفِضَّةِ(4) وشبه ذلك، فلا يلزم في شيءٍ منه مِنْ ذلك(5) تعريفٌ لجوازِ أكلِه ◙ للتَّمرةِ(6) السَّاقطةِ لو لم تكن مِنَ الصَّدقةِ المحرَّمِ عليه قليلُها وكثيرُها.
          فدلَّ هذا الحديثُ على إباحةِ الشَّيءِ التَّافهِ المُلْتَقَطِ، وأنَّه معفوٌ عنه وخارجٌ مِنْ حكمِ اللُّقَطَةِ، لأنَّ صاحبَه لا يطلبه، فلذلك استحلَّ النَّبيُّ ◙ أكلَ التَّمرةِ لولا شبهةِ الصَّدقةِ]
(7)، وقد روى عبدُ الرَّزَّاقِ أنَّ عليَّ بنَ أبي طالبٍ التقطَ حَبَّةً أو حبتينِ(8) مِنْ رمانٍ مِن الأرضِ فأكلَها، وعن ابنِ عُمَرَ أنَّه وجدَ تمرةً في الطَّريقِ فأخذَها فأكلَ نصفَها، ثمَّ لقيه مسكينٌ فأعطاه النِّصفَ الآخر.


[1] في (ز): ((قال النَّبيُّ صلعم)).
[2] صورتها في (ز): ((الثَّمرة)).
[3] في المطبوع: ((والعنابة)).
[4] صورتها في (ز): ((القضَّة)).
[5] قوله: ((من ذلك)) ليس في المطبوع.
[6] صورتها في (ز): ((للثَّمرة)).
[7] ما بين معقوفتين مطموس في (ص).
[8] في (ز): ((التقط حبًّا أو حبَّةً)).