نجاح القاري لصحيح البخاري

باب الصلح بين الغرماء وأصحاب الميراث والمجازفة في ذلك

          ░13▒ (باب الصُّلْحِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَأَصْحَابِ الْمِيرَاثِ) وهم الورثة، قال الكرمانيُّ: لفظ بين يقتضي طرفين فأحد الطَّرفين الغرماء، والآخر أصحاب الميراث.
          وقال العينيُّ: كلامه يشير إلى أنَّ الصُّلح بين الغرماء، وبين أصحاب الميراث فقط، وليس كذلك، بل كلامه أعمُّ من أن يكون بينهم وبينهم، ومن أن يكون بين كلٍّ من الغرماء ومن أصحاب الميراث (وَالْمُجَازَفَةِ فِي ذَلِكَ) يعني: عند المعاوضة، أراد أنَّ المجازفة في الاعتياض عن الدَّين جائزة، وإن كانت من جنس حقِّه وأقل، وإنه لا يتناوله النَّهي، إذ لا مقابلة من الطَّرفين.
          (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ☻ : لاَ بَأْسَ أَنْ يَتَخَارَجَ الشَّرِيكَانِ، فَيَأْخُذَ هَذَا دَيْنًا، وَهَذَا عَيْنًا، فَإِنْ تَوَى) بفتح المثناة الفوقية والواو، يتوِي _بكسر الواو_ ؛ أي: هلك واضمحلَّ، وضبطه بعضهم بكسر الواو على وزن علم. قال ابن التِّين: وليس هذا ببيِّن، واللُّغة هي الأولى.
          (لأَحَدِهِمَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ) وهذا التَّعليق وصله ابن أبي شيبة. وقد اختلف العلماء في ذلك فقال الحسن / البصري: إذا اقتسم الشَّريكان أو الغرماء فأخذ هذا بعضهم وهذا بعضهم فَتَوَىَ نصيبُ أحدهما وخرج نصيبُ الآخر قال: إذا أبرأه منه فهو جائز.
          وقال النَّخعي: ليس بشيء وما توى أو خرج فهو بينهما نصفين، وهو قول مالك والشَّافعي والكوفيِّين، وقال سُحنون: إذا قبض أحد الشَّريكين من دينه عَرْضًا، فإنَّ صاحبه بالخيار إن شاء جوَّز له ما أخذ واتَّبع الغريم بنصيبه، وإن شاء رجعَ إلى شريكه بنصفِ ما قبضَ وأتبعا الغريم جميعًا بنصف الدَّين فاقتسماهُ بينهما نصفين، وهذا قول ابن القاسم.