نجاح القاري لصحيح البخاري

باب التوثق ممن تخشى معرته

          ░7▒ (بابُ) مشروعيَّة (التَّوَثُّقِ مِمَّنْ تُخْشَى مَعَرَّتُهُ) بفتح الميم والعين المهملة وتشديد الراء؛ أي: الفساد والعبث. وقال ابنُ الأثير: المعرَّة: الأمر القبيح المكروه والأذى، وهي مفعلة من العرِّ.
          ومن «المُغرِب»: المعرة: المساءة والأذى من العرِّ، وهو الحرب، أو من: عرَّه، إذا لطخه بالعرَّة، وهي السَّرقين. والتَّوثق: الإحكام، يقال: عقدٌ وَثِيق؛ أي: مُحْكم، ووثق به وثاقة؛ أي: ائتمنه، وأوثقه ووثَّقه بالتَّشديد؛ أي: أحكمه وشدَّه بالوَثاق؛ أي: بالقيد، وهو بفتح الواو، والكسر فيه لغة. ثمَّ التَّوثق تارة يكون بالعقد، وتارةً يكون بالحبسِ على ما سيجيءُ إن شاء الله تعالى.
          (وَقَيَّدَ ابْنُ عَبَّاسٍ ☻ عِكْرِمَةَ عَلَى تَعْلِيمِ القُرْآنِ وَالسُّنَنِ وَالفَرَائِضِ) وصله ابنُ سعد وأبو نُعيم في «الحلية» من طريق حمَّاد بن زيد، عن الزُّبير بن الخِرِّيْت _بكسر المعجمة وتشديد الراء بعدها مثناة تحتية ساكنة ثم مثناة فوقية_ عن عكرمة قال: كان ابن عبَّاس ☻ يجعل في رجلي الكبل يعلِّمني القرآن ويعلِّمني السنَّة.
          والكَبْل _بفتح الكاف وسكون الموحدة وفي آخره لام_: هو القيد. وعكرمة أصله من البربر من أهل الغرب كان لحصين بن أبي الحرِّ العنبري، فوهبه لعبد الله بن عبَّاس ☻ حين جاء والياً على البصرة لعليِّ بن أبي طالب ☺، روى عن جماعة من الصَّحابة وأكثر عن مولاه. وروى عنه إبراهيم النَّخعي، ومات قبله، والأعمش وقتادة والإمام أبو حنيفة وآخرون كثيرون.
          وعن عبد الرَّحمن بن حسَّان: سمعت عكرمة يقول: طلبت / العلم أربعين سنة، وكنت أفتي بالباب وابن عبَّاس ☻ في الدَّار.
          وعن الشَّعبي: ما بقيَ أحدٌ أعلم بكتاب الله من عكرمة. مات بالمدينة سنة خمس ومائة، وهو: ابن ثمانين سنة.