نجاح القاري لصحيح البخاري

باب في ترك الحيل

          ░1▒ (باب: فِي تَرْكِ الْحِيَلِ) وسقطت في ((اليونينية)) لفظة: <في>، فباب مضاف لتاليه.
          قال ابنُ المُنيِّر: أدخل البخاريُّ التَّرك في التَّرجمة لئلَّا يتوهَّم؛ أي: من التَّرجمة الأولى إجازة الحيل، قال العينيُّ: التَّرجمة الأولى بعمومها تتناول الحيلةَ الجائزة، والحيلة الغير الجائزة وأطلقها؛ لأنَّ من الحيلة ما لا يمنع منها، وفي هذه التَّرجمة أحد النَّوعين وهو التَّرك.
          (وَأَنَّ لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فِي الأَيْمَانِ) بفتح الهمزة (وَغَيْرِهَا) وفي رواية أبي ذرٍّ عن الكُشميهنيّ: <وغيره> بالتَّذكير على إرادة اليمين المستفاد من صيغة الجمع، وهذا قطعةٌ من الحديث الذي يأتي [خ¦6953]، وأيضاً مضى في أوَّل الكتاب [خ¦1] [خ¦54]، وهو قوله صلعم : ((إنَّما الأعمال بالنِّيات وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى)).
          وقوله: ((في الأيمان وغيرها))، من كلام البخاريّ لا من الحديث، والحديث محمولٌ على العبادات والبخاريّ عمَّم في ذلك حيث يشملُ كلامه المعاملات أيضاً.
          قال ابنُ المنيِّر: اتَّسع البخاريّ في الاستنباط، والمشهورُ عند النّظار حمل الحديث على العبادات، فحمله البخاريُّ عليها وعلى المعاملات، وتبع مالكاً في القول بسدِّ الذَّرائع واعتبار المقاصد، فلو فسد اللَّفظ وصحَّ القصد ألغي اللَّفظ، وأعمل القصد تصحيحاً وإبطالاً.
          قال: والاستدلال بهذا الحديث على سدِّ الذَّرائع، وإبطال الحيل من أقوى الأدلَّة، ووجه التَّعميم أنَّ المحذوفَ المقدر الاعتبار، فمعنى الاعتبار في العبادات إجراؤها / وبيان مراتبها، وفي المعاملات وكذلك الأيمان الرَّدُّ إلى القصد، وقد تقدَّم في أوَّل الكتاب تصريحُ البخاريّ بدخولِ الأحكام كلِّها في هذا الحديث.