إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها

          6477- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ بالجمع (إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ) بالحاء المهملة والزاي، الأسديُّ قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ بالجمع أيضًا (ابْنُ أَبِي حَازِمٍ) عبد العزيز بن سلمة بنِ دينار. قال الحافظُ: وقع عند أبي نُعيم في «المستخرج» من طريقِ إسماعيل القاضي، عن إبراهيم بنِ حمزة شيخ البخاريِّ فيه: أنَّ عبد العزيز بن أبي حازم وعبد العزيز بن محمَّد الدَّراورديُّ حدَّثاه عن يزيد، فيحتملُ أن يكون إبراهيم لمَّا حدَّث به البُخاري ذكر عبد العزيز الدَّراوردِي، وعلى الأوَّل لا إشكال، وعلى الثَّاني يتوقَّف الجواز على أنَّ اللَّفظ للاثنين سواء، أو أنَّ المذكور ليس هو لفظ المحذوف، وأنَّ المعنى عليهما متَّحد تفريعًا على جوازِ الرِّواية بالمعنى، ويؤيِّد الأوَّل أنَّ البخاري أخرجَ بهذا الإسناد بعينهِ إلى محمَّد بن إبراهيم حديثًا جمعَ فيه بين ابنِ أبي حازم والدَّراورديِّ، وهو في «باب فضل الصَّلاة» [خ¦528]. انتهى من «الفتح». (عَنْ يَزِيدَ) من الزِّيادة، ابن عبد الله، المعروف بابنِ الهاد (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ) التَّيميِّ (عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ(1) اللَّه التَّيْمِيِّ) وثبت‼: ”ابن عبيد الله“ في رواية أبي ذرٍّ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ ، أنَّه (سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلعم يَقُولُ: إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ) ولأبي ذرٍّ: ”يتكلَّم“ بإسقاط اللام (بِالكَلِمَةِ) أي: بالكلام، فهو من إطلاقِ الكلمةِ على الكلام(2) (مَا يَتَبَيَّنُ) لا يتدبَّر ما (فِيهَا) ولا يتفكَّر في قُبحها وما يترتَّب عليها، ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: ”ما يتَّقي“ بدل: «ما يتبيَّن»، ولفظ «فيها» ثابتٌ للحَمُّويي والكُشميهنيِّ (يَزِلُّ) بفتح التحتية وكسر الزاي بعدها لام مشدَّدة (بِهَا) بتلك الكلمة (فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ) قال في «الكواكب»: لفظُ «بين» يقتضِي دخولهُ على المتعدِّد، و«المشرق» متعدِّدٌ؛ لأنَّ مشرق الصَّيف غير مشرق الشِّتاء وبينهما بعدٌ كثيرٍ، أو اكتفَى بأحد المتقابلينَ على الآخرِ مثل: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ}[النحل:81] وزاد مسلمٌ والإسماعيليُّ من رواية بكر بنِ نصر، عن يزيد بنِ الهاد(3): «والمغرب».
          ورجالُ الإسناد مدنيُّون، وفيه ثلاثةٌ من التَّابعين في نسقٍ واحدٍ، وأخرجه مسلمٌ في آخر الكتاب عن قتيبة وغيره(4)، والتِّرمذيُّ في «الزُّهد» وقال: حسنٌ غريبٌ، والنَّسائيُّ في «الرَّقائق» وفي رواية أبي ذرٍّ تأخير هذا الحديث عن لاحقهِ، وسقط الأوَّل _وهو حديثُ عيسى بن طلحة_ من رواية النَّسفيِّ، والله الموفِّق.


[1] في (ع) و(ب): «عبد».
[2] في (د): «الكلام على الكلمة».
[3] في (د): «الهادي».
[4] قوله: «آخر الكتاب عن قتيبة وغيره»: بيَّض له في الأصول كلها.