إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء بشيء

          3158- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكم بن نافعٍ قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابن أبي حمزة (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلم ابن شهابٍ أنَّه (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ) بن العوَّام (عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ) بفتح العين وسكون الميم (الأَنْصَارِيَّ) عدَّه ابن إسحاق وابن سعدٍ ممَّن شهد بدرًا من المهاجرين، وهو موافقٌ لقوله هنا: (وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ) لأنَّه يُشعِر بكونه مكِّيًّا، ويحتمل أن يكون أصله من الأوس والخزرج، ثمَّ نزل مكَّة وحالف بعض(1) أهلها، فبهذا الاعتبار يكون أنصاريًّا مهاجريًّا (وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ) هو عامر‼ بن عبد الله بن الجرَّاح، أمين هذه الأمَّة (إِلَى البَحْرَيْنِ) البلد المشهور بالعراق (يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا) أي: بجزية أهلها، وكان أكثر أهلها إذ ذاك المجوس (وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم هُوَ صَالَحَ أَهْلَ البَحْرَيْنِ) في سنة الوفود سنة تسعٍ من الهجرة (وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ العَلَاءَ بْنَ الحَضْرَمِيِّ) الصَّحابيَّ المشهور (فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ) بن الجرَّاح (بِمَالٍ مِنَ البَحْرَيْنِ) وكان فيما رواه ابن أبي شيبة في «مُصنَّفه» عن حُمَيد بن هلالٍ: «مئة ألفٍ، وهو أوَّل خَرَاجٍ قُدِمَ به عليه» (فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ، فَوَافَتْ) من الموافاة، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: ”فوافقت“ بالقاف بعد(2) الفاء، من المُوافَقة (صَلَاةَ الصُّبْحِ)(3) ولابن عساكر: ”فوافت الصُّبح“ (مَعَ النَّبِيِّ صلعم ، فَلَمَّا صَلَّى بِهِمِ الفَجْرَ انْصَرَفَ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلعم حِينَ رَآهُمْ وَقَالَ: أَظُنُّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدْ جَاءَ بِشَيْءٍ، قَالُوا: أَجَلْ) أي: نعم (يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَأَبْشِرُوا) بهمزة قطعٍ (وَأَمِّلُوا) بهمزةٍ مفتوحةٍ فميمٍ مكسورةٍ مُشدَّدةٍ من غير مدٍّ من التَّأميل. وقال الزَّركشيُّ: الأملُ: الرَّجاء، يُقال: أمَّلْتُه فهو مأمولٌ، قال الدَّمامينيُّ(4): مقتضاه: أن / تكون «وَاّْمُلُوا» بهمزةِ وصلٍ وميمٍ مضمومةٍ. انتهى. وضبطها الصَّغانيُّ بالوجهين (مَا يَسُرُّكُمْ) ففيه: البشرى من الإمام لأتباعه وتوسيع أملهم (فَوَاللهِ لَا الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ) بنصب «الفقر»، مفعول «أخشى» (وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ) بضمِّ أوَّله وفتح ثالثه، و«أن» مصدريَّةُ، أي: بسط (عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ) وسقط لابن عساكر لفظة «كان» (فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا) ولغير الكُشْميهَنيِّ: ”فتنافسوا كما تنافسوا(5)“ بإسقاط الهاء فيهما، والَّذي في الفرع: بإسقاطها في الأولى فقط، وكذا في أصله (وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ) فيه: أنَّ المُنافَسة في الدُّنيا قد تجرُّ إلى الهلاك في الدِّين(6).


[1] «بعض»: ليس في (د).
[2] في (م): «بدل» وليس بصحيحٍ.
[3] «صلاة الصُّبح» جاء في (د) و(م) بعد قوله سابقًا: «فوافقت».
[4] في (د): «الدِّمياطيُّ» وهو في «مصابيح الجامع» (7/9).
[5] لم يذكر هذا الفرق في اليونينية، وإنما ضبط غير الكُشْمِيْهَنِيِّ: «فتنافسوا».
[6] في (م): «الدُّنيا»، وهو تكرارٌ.