إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: اعتمر النبي حيث ردوه ومن القابل عمرة الحديبية

          1779- 1780- فقال بالسَّند السابق: (حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ) الطَّيالسيُّ قال: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ) العوذيُّ (عَنْ قَتَادَةَ) بن دِعَامة (قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا ☺ ) أي(1): كم اعتمر النَّبيُّ صلعم (فَقَالَ: اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلعم (2) حَيْثُ رَدُّوهُ) أي: المشركون بالحديبية (وَ) اعتمر (مِنَ) العام (القَابِلِ عُمْرَةَ الحُدَيْبِيَةِ) وهي عمرة القضاء وهي و(3)سابقتها من الحديبية، أو(4) قوله: «الحديبية» يتعلَّق بقوله: «حيث ردُّوه» (وَ) اعتمر (عُمْرَةً فِي ذِي القَعْدَةِ) وهي عمرة الجِعْرَانة (وَ) اعتمر (عُمْرَةً) وهي الرَّابعة (مَعَ حَجَّتِهِ) وهذا بعينه هو الحديث الأوَّل بمتنه وسنده [خ¦1778] لكنَّ شيخه في الأوَّل: حسَّان، وفي الثَّاني: أبو الوليد، وأسقط في الأوَّل: العمرة الرَّابعة، وأثبتها في هذا _كـ «مسلمٍ»_ من طريق عبد الصَّمد عن هشامٍ، لكن قال الكِرمانيُّ: إنَّها داخلةٌ في الحديث الأوَّل ضمن الحجِّ لأنَّه صلعم إمَّا أن يكون(5) متمتِّعًا أو قارنًا أو مفردًا، والمشهور عن عائشة: أنَّه كان مفردًا، لكن ما ذكر هنا يشعر بأنَّه كان قارنًا، وكذا ابن عمر أنكر على أنسٍ كونه كان قارنًا، مع أنَّ حديثه المذكور هنا يدلُّ على أنَّه كان قارنًا؛ لأنَّه لم ينقل أنَّه اعتمر بعد حجَّته، فلم يبق إلَّا أنَّه اعتمر مع حجَّته، ولم يكن متمتِّعًا لأنَّه اعتذر عن ذلك بكونه ساق الهدي، وقد كان أحرم أوَّلًا بالحجِّ ثمَّ أدخل عليه العمرة بالعقيق، ومن ثمَّ اختلف في عدد عُمَرِه: فمن قال: أربعًا فهذا وجهه، ومن قال: ثلاثًا أسقط الأخيرة لدخول أفعالها في الحجِّ، ومن قال: اعتمر عمرتين أسقط عمرة الحديبية لكونهم صُدُّوا عنها، وأسقط الأخيرة لِما ذُكِر، وأثبت عمرة القضيَّة والجِعْرَانة.
          وبه قال: (حَدَّثَنَا هُدْبَةُ) بضمِّ الهاء وسكون المهملة وفتح المُوحَّدة‼ بغير تنوينٍ، ابن خالدٍ القيسيُّ قال: (حَدَّثَنَا هَمَّامٌ) أي(6): المذكور (وَقَالَ) أي: بالإسناد المذكور، وهو عن قتادة عن أنسٍ: (اعْتَمَرَ) أي: النَّبيُّ صلعم (أَرْبَعَ عُمَرٍ) كلُّهنَّ (فِي ذِي القَعْدَةِ إِلَّا الَّتِي اعْتَمَرَ) وللحَمُّويي والمُستملي: ”إِلَّا الذي“ بصيغة المُذكَّر، أي: إلَّا النُّسك الذي اعتمر (مَعَ حَجَّتِهِ) في ذي الحجَّة، ثمَّ بيَّن الأربعة المذكورة بقوله: (عُمْرَتَهُ) نُصِب بـ «اعتمر» (مِنَ الحُدَيْبِيَةِ) وهي الأولى (وَ) الثَّانية: (مِنَ العَامِ المُقْبِلِ / ) وهي عمرة القضيَّة (وَ) الثَّالثة: (مِنَ الجِعْرَانَةِ حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ) بالصَّرف (وَ) الرَّابعة: (عُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ) في ذي الحجَّة _كما مرَّ_ قال القابسيُّ: هذا الاستثناء كلامٌ زائدٌ، وصوابه: أربع عُمَرٍ: في ذي القعدة، وعمرته(7) من الحديبية... إلى آخره، وقد عدَّها في آخر الحديث فكيف يستثنيها أوَّلًا؟ قال عياضٌ: والرِّواية عندي هي الصَّواب، وقد عدَّها بعدُ في الأربع، فكأنَّه قال: في ذي القعدة منها ثلاثٌ، والرَّابعة عمرته في حجَّته.


[1] «أي»: ليس في (ب) و(د).
[2] «النَّبيُّ صلعم »: ليس في (د).
[3] ليست في (ص).
[4] في (م): «إذ».
[5] «أن يكون»: ليس في (ص) و(م).
[6] «أي»: ليس في (ص) و(م).
[7] في (د): «أربعٌ: عمرته في ذي القعدة، عمرته».