إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كانت الريح الشديدة إذا هبت عرف ذلك في وجه النبي

          1034- وبه قال: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ) هو سعيد بن الحكم بن محمَّد بن أبي مريم(1) (قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) المدنيّ (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (حُمَيْدٌ) الطَّويل: (أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا) ☺ ، زاد أبوا ذَرٍّ والوقت: ”ابن مالكٍ“ حال كونه (يَقُولُ: كَانَتِ الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ إِذَا هَبَّتْ عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ صلعم ) أي: ظهر فيه أثر الخوف مخافةَ أن يكون في ذلك الرِّيح ضررٌ، وحَذِرَ أن يصيب أمَّته العقوبة بذنوب / العاصين منهم رأفةً ورحمة منه ╕ ، ولمسلمٍ من حديث عائشة: كان النَّبيُّ صلعم إذا عصفت الرِّيح قال: «اللَّهم إنِّي أسألك خيرها، وخيرَ ما فيها، وخيرَ ما أُرسِلَتْ به، وأعوذ بك من شرِّها، وشرِّ ما فيها(2)، وشرِّ ما أُرسلَت به»، قالت(3): وإذا تخيَّلت السَّماء تغيَّر لونه، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، فإذا مطرت(4) سُرِّي عنه، فعرفت ذلك عائشة، فسَأَلَتْهُ فقال: «لعلَّه يا عائشةُ كما قال قوم عادٍ: { فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا }[الأحقاف:24]» وعَصْفُ الرِّيح اشتدادُ هبوبها، وريحٌ عاصفٌ: شديدةُ(5) الهبوب، وتخيّل السَّماء هنا بمعنى السَّحاب، و«تخيَّلت» إذا ظهر في السَّحاب أثر المطر، و«سُرِّي عنه» أي: كُشِفَ عنه الخوف وأُزيلَ، والتَّشديد فيه للمبالغة، و«عارض»: سحابٌ عرض ليمطر، وقوله في حديث الباب: «الرِّيح الشَّديدة» مُخرِجٌ للخفيفة، وروى الشَّافعيُّ: ما هبَّت ريحٌ(6) إلَّا جثا النَّبيُّ صلعم على ركبتيه وقال: «اللَّهمَّ اجعلها رحمةً ولا تجعلها عذابًا، اللَّهمَّ اجعلها رياحًا ولا تجعلها ريحًا».


[1] في (د): «سعيد بن محمَّد بن الحكم بن أبي مريم»، وليس بصحيحٍ.
[2] «وشرِّ ما فيها»: سقط من (م).
[3] في (د): «قال».
[4] في (ب) و(د) و(س): «أُمطرَت».
[5] في (د) و(م): «شديد».
[6] في (ب) و(س): «الرِّيح». والمثبت موافق لمنحة الباري وأسنى المطالب.