إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

معلق معاوية في كعب: إن كان من أصدق هؤلاء

          7361- (وَقَالَ أَبُو اليَمَانِ) شيخ المؤلِّف الحكم بن نافعٍ ولم يقل: «حدَّثنا أبو اليمان» إمَّا لكونه أخذه عنه مذاكرةً، أو لكونه أثرًا موقوفًا. نعم؛ أخرجه الإسماعيليُّ عن عبد الله بن العبَّاس الطيالسيِّ عن البخاريِّ قال: «حَدّثنا أبو اليمان» ومن هذا الوجه أخرجه أبو نُعيمٍ، قال في «الفتح»: فظهر أنَّه مسموعٌ له، وترجَّح الاحتمال الثَّاني، وكذا هو في «التَّاريخ الصَّغير» للمؤلِّف قال: حدّثنا أبو اليمان قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابن أبي حمزة (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلمٍ أنَّه قال: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بضمِّ الحاء مصغَّرًا، ابن عوفٍ أنَّه (سَمِعَ مُعَاوِيَةَ) ابن أبي سفيان (يُحَدِّثُ رَهْطًا مِنْ قُرَيْشٍ بِالمَدِينَةِ) لمَّا حجَّ في خلافته، وقال ابن حجرٍ: لم أقف‼ على تعيين الرَّهط (وَذَكَرَ كَعْبَ الأَحْبَارِ) بن ماتع _بالفوقيَّة بعدها عينٌ مهملةٌ_ ابن عمرو بن قيسٍ من آل ذي رُعَينٍ، وقيل: ذي الكلاع، الحِمْيريَّ، وكان يهوديًّا عالمًا بكتبهم، أسلم في عهد عمر أو أبي بكر أو في عهده صلعم ، وتأخَّرت هجرته، والأوَّل أشهر (فَقَالَ) أي: معاوية: (إِنْ كَانَ) كعبٌ (مِنْ أَصْدَقِ هَؤُلَاءِ المُحَدِّثِينَ الَّذِينَ يُحَدِّثُونَ عَنْ أَهْلِ الكِتَابِ) ممَّن هو نظير كعبٍ ممَّن كان من أهل الكتاب وأسلم (وَإِنْ كُنَّا مَعَ ذَلِكَ لَنَبْلُو) بالنُّون: لَنختبرُ (عَلَيْهِ الكَذِبَ) الضَّمير المخفوض بـ «على» يعود على كعب الأحبار، يعني: أنَّه يُخطِئ فيما يقوله في بعض الأحيان، ولم يُرِد أنَّه كان كذَّابًا، كذا ذكره ابن حِبَّان في «كتاب الثِّقات» وقيل: إنَّ الهاء في «عليه» راجعةٌ إلى «الكتاب» من قوله: إن(1) كان من أصدق هؤلاء المحدِّثين الذين يحدِّثون عن أهل الكتاب، وذلك لأنَّ كتبهم قد بُدِّلت وحُرِّفت، وليس عائدًا على «كعب» قال القاضي عياضٌ: وعندي أنَّه يصحُّ عوده على كعب أو على حديثه وإن لم يقصد الكذب أو يتعمَّده كعبٌ؛ إذ لا يُشتَرط في الكذب عند أهل السُّنَّة التَّعمُّد، بل هو إخبار بالشَّيء على خلاف ما هو عليه، وليس في هذا تجريحٌ لكعبٍ بالكذب، وقال ابن الجوزيِّ، يعني: أنَّ الكذب فيما يُخبِر به عن أهل الكتاب لا منه، فالأخبار التي يحكيها عن القوم يكون في بعضها كذبٌ، فأمَّا كعب الأحبار فهو من(2) خيار الأحبار، وأخرج ابن سعدٍ من طريق عبد الرَّحمن بن جُبير بن نُفيرٍ قال: قال معاوية: «أَلا إنَّ كعب الأحبار أحدُ العلماء، إن كان عنده لعلمٌ كالثِّمار، وإن كنَّا فيه لمفرِّطين».


[1] في (د): «إنَّه».
[2] زيد في (ع): «جملة».