إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لما قدم رسول الله المدينة أخذ أبو طلحة بيدي

          6911- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ: ”حَدَّثنا“ (عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ) بفتح العين في الأول، وضم الزاي بعدها راءان بينهما ألف آخره هاء تأنيث في الثاني، النَّيسابوريُّ قال: (أَخْبَرَنَا) ولأبي ذرٍّ: ”حَدَّثنا“ (إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) هو: ابنُ عُليَّة (عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ) بن صُهيب (عَنْ أَنَسٍ) ☺ أنَّه(1) (قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلعم المَدِينَةَ) من مكَّة مهاجرًا وليس له خادمٌ يخدمهُ (أَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ) زيدُ بن سهلٍ الأنصاريُّ زوج أمِّ سُلَيم والدة أنسٍ (بِيَدِي فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صلعم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَنَسًا غُلَامٌ كَيِّسٌ) أي: عاقلٌ (فَلْيَخْدُمْكَ) بسكون اللام والجزم على الطَّلب (قَالَ) أنس: (فَخَدَمْتُهُ) صلعم (فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَوَاللهِ مَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ: لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا، وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ: لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا) أي: لم يعترض عليه لا في فعلٍ ولا في(2) تركٍ، ففيه حسنُ خلقه صلعم إنَّه(3) لعلى خلقٍ عظيمٍ، واعلم أنَّ تركَ اعتراضه صلعم على أنسٍ ☺ إنَّما هو فيما يتعلَّق بالخدمةِ والآداب لا فيما يتعلَّق بالتَّكاليف الشَّرعيَّة، فإنَّه لا يجوز تركُ الاعتراض فيها.
          ومطابقة ذلك للتَّرجمة من جهة أنَّ الخدمة مستلزمةٌ للاستعانةِ، أو اعتمدَ على ما في سائرِ الرِّوايات أنَّه صلعم قال له: «التَمِس لي غلامًا يخدمُني» وقد كان أنسٌ‼ في كفالة أمِّه، فأحضرتْه إلى النَّبيِّ صلعم وكان زوجها معها، فنسب الإحضار إليها تارةً وإليه أُخرى، وهذا صدر من أمِّ سُليم أوَّل قدومه صلعم المدينة، وكانت لأبي طلحةَ في إحضارِه أنسًا قصَّةٌ أخرى، وذلك عند إرادته صلعم الخروجَ إلى خيبر، كما سبقَ في «المغازي» [خ¦2893].


[1] «أنه»: ليست في (د).
[2] «في»: ليست في (س).
[3] في (ع) و(د): «إنك».