التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين

          159- 160- قوله: (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ): تقدَّم مرارًا أنَّه الزُّهريُّ محمَّد بن مسلم بن عبيد الله بن عَبْد الله بن شهاب.
          قوله: (إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ): (المِرفَق)؛ بكسر الميم، وفتح الفاء، ويقال: بفتح الميم، وكسر الفاء، معروف(1).
          قوله: (لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ): اعلم أنَّ حديث النفس قسمان؛ ما يهجم عليها ويتعذَّر دفعه عنها، وما تسترسل معه النفس ويمكن قطعه، ويمكن أنْ يحمل الحديث عليه دون الأوَّل؛ لعسر اعتباره، ولفظ الحديث: (لا يُحدِّث) يشهد له؛ لأنَّه تكسُّب وتفعُّل؛ لأنَّ الخواطر ليست من جنس مقدور العبد، وهي معفوٌّ عنها، ويمكن حمل الحديث على النوعين معًا، وقال القاضي عياض عن بعضهم: (إنَّ ما كان عن(2) غير قصد يُرجَى أنْ تُقْبَل معه(3) الصَّلاةُ، ويكون ذلك [دون] صلاة من لَمْ يحدِّث نفسه بشيءٍ؛ لأنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام إِنَّما ضمن الغفران لمُراعي ذلك؛ لأنَّه قلَّ مَن تسلم صلاتُه من حديث النفس(4))، وقال النوويُّ: (الصَّواب حصول هذه الفضيلة مع طرآن الخواطر العارضة غير المستقرَّة).
          تنبيه: حديث النفس يعمُّ الخواطر الدنيويَّة والأخرويَّة، والحديث محمول على المتعلِّق بالدنيا فقط، وقد جاء في حديث خارج الكتب: «لا يحدِّث نفسه بشيء من أمر الدنيا، ثمَّ دعا إلا استُجيب له»، وعزا شيخنا الشَّارح هذه الرِّواية للحكيم التِّرمذيِّ في كتاب «الصَّلاة» له، انتهى، [وقال عمر بن الخطَّاب ☺: (إنِّي لأجهِّز جيشي وأنا في الصَّلاة)](5)، وعزا حديثَ: «من صلَّى ركعتين لم يحدِّث [فيهما] نفسه بشيء من أمر الدنيا؛ غُفِر لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» شيخُنا العراقيُّ إلى ابن أبي شيبة في «المصنَّف» من حديث [صِلة بن أَشْيَم] مرسلًا، ذكر ذلك في «تخريج أحاديث الإحياء»، وفي أوَّل «الإحياء»: («من توضَّأ، وأسبغ الوضوء، وصلَّى ركعتين لم يحدِّث نفسَه بشيءٍ من الدنيا(6)؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمُّه»، وفي لفظ آخر: «لَمْ يَسْهُ فيهما؛ غُفِر لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»)، قال شيخنا العراقيُّ: (ابن المبارك في كتاب «الزُّهد والرَّقائق»: باللَّفظين معًا...) إلى آخر كلامه.
          تنبيه ثانٍ: المراد بالغفران: الصغائر دون الكبائر، فإنَّ الكبائر تكفَّر بالتوبة، وفضل الله واسع، وقد رأيت عن بعضهم: أنَّهما يُغفَران، وفيه نظر، والله أعلم.
          قوله: (وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ...) إلى آخره: هذا معطوف على السَّند قبله؛ يعني: وحدَّثني به عبد العزيز ابن عَبْد الله الأُويسيُّ: حدَّثني إبراهيم _يعني: ابن سعد_ عن صالح بن كيسان قال: قال ابن شهاب، عن عروة، عن حُمران(7) به، وليس هذا تعليقًا؛ فاعلمه.


[1] (معروف): ليس في (ج).
[2] في (ب): (من).
[3] في (ب): (منه).
[4] زيد في (ب): (يعم الخواطر الدنيوية)، وهو سبق نظر.
[5] ما بين معقوفين ليس في (ب) و(ج).
[6] في (ب): (نفسه من أمر الدنيا).
[7] في (ب): (عمران).