التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الوتر في السفر

          ░6▒ بَابُ الوِتْرِ في السَّفَرِ.
          1000- ذَكَرَ فيه حديثَ ابنِ عمرَ: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ، حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ يُومِئُ إِيمَاءً صَلاَةَ اللَّيْلِ، إِلَّا الفَرَائِضَ وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ).
          الوِتْرُ سُنَّةٌ مؤكَّدةٌ في السَّفَرِ والحَضَرِ، والسُّنَّةُ لا يُسقطُها السَّفرُ، وقد رُويَ عن ابنِ عبَّاسٍ وابنِ عمَرَ أنَّهما قالا: الوِتْرُ في السَّفرِ سُنَّةٌ. وهو ردٌّ على الضَّحَّاكِ أنَّ المسافرَ لا وِتْرَ عليه، وأيضًا فإنَّ ابنَ عمَرَ ذكرَ أنَّ رسولَ الله صلعم كان يتنفَّلُ في السَّفرِ على رَاحِلَتِهِ حيثُ توجَّهَتْ بِهِ، فالوِتْرُ أَوْلى بذلك لأنَّهُ آكَدُ مِن النَّافلةِ.
          قال المهلَّبُ: وهذا الحديثُ تفسيرٌ لقولِه تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة:144] أنَّ المراد به الصَّلواتُ المفروضاتُ وأنَّ القِبلةَ فرضٌ فيها، وبيَّنَ أنَّ القِبلةَ في النَّوافِلِ سُنَّةٌ لِصلاتِه صلعم لها في أسفارِه على راحلَتِه حيثُما توجَّهَتْ به. وفيه النَّافِلَةُ باللَّيلِ في السَّفَرِ. والتَّنَفُّلُ على الرَّاحلَةِ حيثُ توجَّهَتْ إيماءً. والوِتْرُ على الرَّاحلةِ كما سَلَفَ.
          وقولُه: (إِلَّا الفَرَائِضَ) يعني كان يصلِّيها بالأرضِ، والأظهرُ عندَنا أنَّه لا يَختصُّ بالسَّفَرِ الطَّويلِ. ونَقَلَ ابنُ التِّينِ اعتبارَ القَصْرِ عن الشَّافِعِي وعن مالكٍ اعتبارَه أيضًا، وعندَ أبي حنيفةَ ينزِلُ لِسُنَّةِ الفَجْرِ لتَأَكُّدِها، وعندَه لا يجوزُ فِعْلُهَا قاعدًا وعنه روايةٌ أنَّها واجبةٌ. ومنعها أبو حنيفةَ في المِصرِ وجوَّزَها أبو يوسُفَ وهو رأيُ الإصْطَخْرِيِّ وكَرِهَها محمَّدٌ.