التوضيح لشرح الجامع البخاري

حديث: أن رسول الله كانَ يصلي إحدى عشرة ركعةً

          994- الحديثُ الرَّابعُ: حديثُ عائشةَ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم كَانَ يُصَلِّي إِحْدى عَشْرَةَ رَكْعَةً) الحديث يأتي في صلاةِ اللَّيلِ في بابِ طول السجودِ [خ¦1123] فإنَّهُ ألْيَقُ به، وأخرجُوهُ أيضًا، ورَوَاهُ جماعةٌ عن ابنِ شهابٍ فزادوا فيه ((يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ)) كذا في «الموطَّأ» ورَوَى مالكٌ عن هشامٍ عن أبيه عن عائشةَ أنَّها قالت: ((كَانَ النَّبيُّ صلعم يُصَلِّي مِن اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ يُصَلِّي إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ، بِالصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ)) وفيما سلَفَ لا يزيدُ على إحْدَى عشْرَةَ.
          وذَكَرَ بعضُ مَن لمْ يتأمَّلْ قولَه أنَّ روايةَ عائشةَ اضطَربتْ في الحَجِّ والرِّضاعِ وصلاتِه باللَّيلِ وقصْرِ الصَّلاةِ في السَّفَرِ. وهو عجيبٌ فإنَّه راجِعٌ إلى اختلافِ حالاتِه، وأغلبُها إحدَى عَشْرَةَ ومَرَّةً وصَّلَها ثلاثَ عشرة، ومَرَّةً خمسَ عشْرَةَ بإضافَةِ الرَّكعتينِ أوَّلَ قيامِه إليها ورَكعتَيِ الفَجْرِ أو ركعَتَيْ سُنَّةِ العشاءِ، ولم يَعْتَدَّ بذلك في غيرِها فلا تضادَّ إذنْ.
          وقولُه: (ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ) هذه الضَّجْعَةُ سُنَّةٌ، ويقومُ مَقَامَها الكلامُ، وعندَ المالكيَّةِ بدعَةٌ وإنَّما فُعِلَتْ للرَّاحةِ. ووافَقَنا ابنُ حبيبٍ وشذَّ ابنُ حزمٍ فأوجَبَها وجَعَلَها شرطًا لِلصِحَّةِ، وستكونُ لنا عودةٌ عندَ الكلامِ عليها، وكونُها على الأيمَنِ لأنَّه كان يَستحِبُّ التَّيَمُّنَ في شأنِهِ كلِّه.