شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: الإيمان يأرز إلى المدينة

          ░6▒ باب: الإيمَانُ يَأْرِزُ إلى الْمَدِينَةِ.
          فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ: (قَالَ النَّبيُّ ◙: إِنَّ الإيمَانَ يَأْرِزُ إلى الْمَدِينَةِ، كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إلى جُحْرِهَا). [خ¦1876]
          قال المُهَلَّب: فيه أنَّ المدينة لا يأتيها إلَّا المؤمن، وإنَّما يسوقه إليها إيمانه ومحبَّته في النَّبيِّ صلعم فكأنَّ الإيمان يرجع إليها كما خرج منها أوَّلًا، ومنها ينتشر كانتشار الحيَّة من جحرها، ثمَّ إذا راعها شيءٌ رجعت إلى جحرها، فكذلك الإيمان لما دخلته الدَّواخل لم يقصد المدينة إلَّا مؤمنٌ صحيح الإيمان.
          وقال أبو عبيد: قال الأصمعيُّ: قوله: (يَأْرِزُ) يعني ينضم إليها، ويجتمع بعضه إلى بعض. قال الأصمعيُّ: وأخبرني عيسى بن عُمَر، عن الأسود الدَّيليِّ أنَّه قال: إنَّ فلانًا إذا سئل أرز وإذا دُعي اهتزَّ.
          قال أبو عبيد: يعني: إذا سئل المعروف تضامَّ، وإذا دعي إلى طعام وغيره ممَّا يناله اهتزَّ لذلك.