عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب: لصاحب الحق مقال
  
              

          ░13▒ (ص) بابٌ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالٌ.
          (ش) أي: هذا بابٌ يذكر فيه لصاحب الحقِّ مقالٌ؛ يعني: إذا طلب وكرَّر قوله فيه؛ لا يلام.
          (ص) وَيُذْكَرُ عَنِ النَّبِيِّ صلعم : «لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وَعِرْضَهُ» قَالَ سُفْيَانُ: عِرْضُهُ يَقُولُ: مَطَلَنِي، وَعُقُوبَتُهُ الْحَبْسُ.
          (ش) ذكر الحديث المعلَّق، ثُمَّ ذَكَر عَن سفيان تفسيره.
          ومطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (وَعِرْضَهُ) لأنَّ سفيان فسَّر العِرض بقوله: (مَطَلَنِي) حقِّي، وهو مقالٌ على ما لا يخفى.
          أَمَّا المعلق فوصله أبو داود والنَّسائيُّ وابن ماجه، مِن رواية مُحَمَّد ابن ميمون بن مسيكة، عن عَمْرو بن الشَّريد، عن أبيه قال: قال رسول الله صلعم : «ليُّ الواجد يُحلُّ عرضَه وعقوبته» و(الشَّريد) بفتح الشين المُعْجَمة، هو ابن سويد الثَّقَفيُّ، قيل: إنَّهُ مِن حضرموت، فحالف ثقيفًا، شهد الحديبية ☺ .
          قوله: (لَيُّ الْوَاجِدِ) (اللَّيُّ) بفتح اللام وتشديد الياء: المطلُ، يقال: لواه غريمُه بِدَيْنِهِ يَلويه ليًّا، وأصله: لَوْيًا، أُدغِمت الواو في الياء، و(الواجِد) هو القادر على قضاء دينه.
          قوله: (يُحِلُّ) بِضَمِّ الياء، مِنَ الإحلال.
          وأَمَّا تفسير سفيان فوصله البَيْهَقيُّ مِن طريق الفِرْيَابيِّ _وهو مِن شيوخ البُخَاريِّ_ عن سفيان بلفظ: عرضه أن يقول: مَطلني حقِّي، وعقوبتُه أن يُسْجَنَ، وقال إسحاق: فسَّر سفيان «عرضه» أذاه بلسانه، وعن وكيع: عرضه شكايته، واستدلَّ به على مشروعيَّة حبس المديون إذا كان قادرًا على الوفاء تأديبًا له؛ لأنَّه ظالمٌ حينئذ، والظلم محرَّمٌ وإن قلَّ، وإن ثبت إعساره وجب انتظاره وحرم حبسه، واختُلفَ في ثابت العُسرة، وأُطلِقَ مِنَ السجن؛ هل يلازمه غريمُه؟ فقال مالكٌ والشَّافِعِيُّ: لا، حَتَّى يثبت له مالٌ آخرُ، وقال أبو حنيفة: لا يمنع الحاكمُ الغُرَماءَ مِن لزومه.