عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب من أخذ أموال الناس يريد أداءها أو إتلافها
  
              

          ░2▒ (ص) بابُ مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا، أَوْ إِتْلَافَهَا.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيانِ حال مَن أخذ شيئًا مِن أموال الناس بطريق القرض، أو بوجهٍ مِن وجوه المعاملات، حال كونِه يريدُ أداء هذه الأموال، أو حال كونه يريد إتلافها؛ يعني: قصده مجرَّد الأخذ، ولا ينظر إلى الأداء، وجواب (مَنْ) محذوفٌ، حذفه اكتفاءً بما في نفس الحديث، لكنَّ تقديره: مَن أخذ أموال الناس يريد أداءها أدَّى الله عنه؛ يعني: يسَّر له ما يؤدِّيه مِن فضله لحُسن نيَّته، ومَن أخذ أموال الناس يريد إتلافها على صاحبها أتلفه الله؛ يعني: يذهبه مِن يده فلا ينتفع به لسوء نيَّته، ويبقى عليه الدين، ويعاقب به يوم القيامة، وروى الحاكم مصحِّحًا مِن حديث عائشة ♦: أنَّها كانت تَدَّان، فقيل لها: ما لَكِ والدين وليس عندك قضاء؟ قالت: إنِّي سمعتُ النَّبيَّ صلعم يقول: «ما مِن عبدٍ كانت له نية في أداء دينه إلَّا كان له مِنَ الله ╡ عونٌ، فأنا ألتمس ذلك العون».
          وعن أبي أمامة يرفعه: «مَن تداين وفي نفسه وفاؤه، ثُمَّ مات؛ تجاوز الله عنه وأرضى غريمه بما شاء، ومَن تداين بدينٍ وليس في نفسه وفاؤه، ثُمَّ مات، اقتصَّ الله لغريمه منه يوم القيامة».
          وعن مُحَمَّد بن جحشٍ صحيح الإسناد: أنَّ النَّبِيَّ صلعم قال: «سبحان الله! ما أنزل الله مِنَ التشديد» فسئل عَن ذلك التشديد؟ قال: «الدين، والذي نفس مُحَمَّدٍ بيده لو قتل رجلٌ في سبيل الله ثُمَّ عاش، وعليه دينٌ ما دَخل الجنَّة».
          وعن ثوبان على شرطهما مرفوعًا: «مَن مات وهو بريء مِن ثلاثٍ؛ الكِبْر والغلول والدين، دخل الجنَّة».